الاكثر قراءةترجماتغير مصنف

ما هي أهداف ترامب في (الشرق الأوسط)؟

يُبدي حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة حيرة إزاء سياساته ويتطلّعون إلى فهم توجّهاته بشكل أوضح

ما هي أهداف ترامب في (الشرق الأوسط)؟
يُبدي حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة حيرة إزاء سياساته ويتطلّعون إلى فهم توجّهاته بشكل أوضح*

 بقلم: مارك لينش

ترجمة: صفا مهدي عسكر/ مركز حمورابي للبحوث والدراسات الإستراتيجية

تحرير: د. عمار عباس الشاهين/ مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية

 

    يعتزم الرئيس الأميركي دونالد ترامب القيام بجولة تشمل ثلاث دول تُعد من أبرز شركاء الولايات المتحدة في منطقة (الشرق الأوسط)، وهي: قطر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ورغم أهمية هذه الزيارة، لا تزال أهدافها الحقيقية غير واضحة. إذ من المرجّح أن يسعى ترامب إلى تعزيز التعاون الاقتصادي عبر صفقات تسليح واستثمارات في السوق الأميركية. كما تُثار تساؤلات حول إمكانية سعيه لتحقيق مصالح شخصية مرتبطة باستثمارات خليجية في مشاريعه التجارية وصناديق الاستثمار والعملات الرقمية، غير أن ثمة من يرى أن زيارته تنطوي على أهداف أوسع لا سيما فيما يتعلّق بملف إيران التي تجري إدارته معها محادثات بشأن برنامجها النووي، ومع ذلك فإن الطابع غير المنتظم لسياسات الإدارة الأميركية والانقسامات داخل فريقه الرئاسي يثيران مخاوف من أن تكون الزيارة إما مقدّمة لتفاهم دبلوماسي مع طهران، أو تمهيداً لاحتمال تصعيد عسكري.

وقد كانت دول الخليج العربي تترقّب عودة ترامب إلى البيت الأبيض استناداً إلى تجربة أولى حقّقت فيها مكاسب ملموسة في ظل إدارته في حين لم تُبدِ حماسة كبيرة تجاه الرئيس جو بايدن الذي اعتُبر في نظر العديد من قادة وشعوب المنطقة مسؤولاً، بشكل أو بآخر عن تساهل واشنطن مع السياسات (الإسرائيلية)** تجاه غزة، أما ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان فقد احتفظ بموقف متحفظ إزاء إدارة بايدن التي وجّهت انتقادات علنية للمملكة في حين حافظ على علاقات وثيقة مع ترامب ومحيطه واستثمر ورقة إمكانية تطبيع العلاقات مع (إسرائيل) كوسيلة للتأثير على مواقف الإدارة الأميركية وذلك قبل اندلاع حرب السابع من تشرين الاول 2023، والتي أعادت ترتيب أولويات واشنطن الإقليمية.

وبعد مرور مئة يوم على بداية الولاية الثانية لترامب بدأت ملامح القلق تظهر لدى قادة دول المنطقة، فعلى الرغم من الخطاب السياسي المختلف تتقاطع سياسات ترامب في عدد من الملفات الإقليمية مع نهج سلفه بايدن، ويبرز ذلك بوضوح في مقاربات الإدارة الجديدة تجاه الأوضاع في كل من غزة واليمن التي توصف بأنها أكثر تشدداً وأقل التزاماً بالضوابط الدولية مقارنة بمقاربات إدارة بايدن.

ومع ذلك فإن هذا التوافق في السياسات قد لا يكون مستغرباً بالنظر إلى استمرار بايدن خلال ولايته في تبنّي عدد من السياسات التي أرسيت خلال عهد ترامب، بما في ذلك الدفع باتجاه توسيع اتفاقيات التطبيع (اتفاقيات أبراهام) وتجنّب العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، وعدم إعطاء أولوية تُذكر لمبادرات السلام بين الفلسطينيين و(الإسرائيليين) أو لملف حقوق الإنسان.

الاختلاف الأبرز بين الإدارتين يتمثل في أسلوب العمل السياسي ومستوى التوقّع، فقد تميّزت إدارة بايدن بالنهج المؤسسي والاستقرار في المواقف في حين يشتهر ترامب بنزعته الفردية وقدرته على تغيير المواقف بشكل مفاجئ، وهذا يثير مخاوف لدى قادة المنطقة من تداعيات غير متوقعة مثل تأثير السياسات الحمائية الأميركية على الاقتصاد العالمي وما قد يترتّب عليها من تراجع في صادرات النفط وتعطيل لحركة التجارة في الممرات المائية الحيوية كالبحر الأحمر وقناة السويس، كما يساورهم القلق من احتمال تقليص المساعدات الخارجية لما لذلك من انعكاسات على استقرار دول حليفة مثل الأردن، وتُضاف إلى ذلك مخاوف متنامية من خطاب ترامب تجاه غزة ومن الغموض الذي يكتنف توجهاته حيال إيران بين من يعتقد أنه يمهّد لتفاهمات دبلوماسية ومن يرى أن سياساته قد تكون مقدّمة لمواجهة عسكرية محتملة.

على جدول الأعمال

    يبدو أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب زيارة الدول الخليجية الثلاث  – قطر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة – بدلاً من الاكتفاء بالسعودية وحدها يهدف إلى تجنّب تكرار الانقسامات الإقليمية، ففي عام 2017، زار ترامب الرياض وعقب عودته نشر تغريدة مؤيدة لعزل قطر وهو ما فسّره العديدون بوصفه ضوءاً أخضر لانطلاق الحصار الرباعي بقيادة السعودية بمشاركة الإمارات والبحرين ومصر ضد الدوحة على خلفية دعمها لجماعات إسلامية، هذا الحصار أدى إلى انقسام في مجلس التعاون الخليجي وأشعل تنافساً سياسياً وحروباً بالوكالة في المنطقة. كما أضعف من قدرة إدارة ترامب على تنفيذ سياسة “الضغط الأقصى” على إيران، إذ اضطرت قطر إلى تعميق علاقاتها التجارية مع طهران، وقد أُعلن عن إنهاء الحصار فور تولي إدارة بايدن الحكم في محاولة من دول الخليج لتكييف سياساتها مع أولويات الإدارة الجديدة، وهو ما انعكس إيجاباً على الاستقرار الإقليمي.

وتأتي زيارة ترامب وهي أول زيارة خارجية له في ولايته الثانية في سياق يغلب عليه الطابع الاقتصادي، إذ يسعى الرئيس الأميركي إلى توقيع صفقة أسلحة بقيمة 100 مليار دولار مع السعودية وتشجيع تدفّق الاستثمارات الخليجية إلى الاقتصاد الأميركي، من جانبها تُبدي المملكة رغبة في تقديم نفسها كشريك اقتصادي موثوق، فقد أعلن ولي العهد محمد بن سلمان بعد فوز ترامب عن نية السعودية استثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة. غير أن هذه التعهّدات غالباً ما تكون رمزية إذ تواجه المملكة تحديات داخلية وضغوطاً مالية ناجمة عن تراجع أسعار النفط، كما لا يُستبعد أن تراعي زيارة ترامب أيضاً مصالحه الشخصية إذ أشارت تقارير صحفية أبرزها من نيويورك تايمز، إلى أن شركات عائلته حققت أرباحاً بملايين الدولارات من صفقات مع جهات مرتبطة بحكومات السعودية وقطر والإمارات.

ومن المرجّح أن يحاول ترامب استخدام زيارته للضغط على دول الخليج من أجل الحفاظ على استقرار أسعار النفط عند مستويات منخفضة، خلال سنوات حكم بايدن لم تُبدِ السعودية استعداداً لاستخدام أدواتها النفطية لخدمة المصالح الأميركية بل أثارت حفيظة البيت الأبيض من خلال خفض الإنتاج بالتنسيق مع “أوبك+” ما ساهم في رفع أسعار الوقود عالمياً وعزّز إيرادات روسيا رغم العقوبات الأميركية المفروضة على موسكو بسبب غزو أوكرانيا، ومع ذلك فإن انخفاض أسعار النفط يشكل تهديداً لخطط التنمية الطموحة في الرياض التي تحتاج إلى سعر نفط مرتفع لضمان التوازن المالي. وفيما تشمل الزيارة أيضاً ملفات سياسية إقليمية فإن أهداف ترامب في هذا المجال تبقى غير واضحة، الحكومات العربية تفتقر إلى مؤشرات حاسمة بشأن ما إذا كانت واشنطن تستعد للسلام أو الحرب مع إيران، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الإدارة الأميركية تعاني من نقص في الكوادر ومن ارتباك داخلي. فقد أقال ترامب مستشاره للأمن القومي مايكل والتز عشية الزيارة وهو ما فسّره البعض كمؤشر على تحوّل في السياسة الأميركية، بينما يراه آخرون مجرد انعكاس لفوضى داخلية، وكان والتز منسقاً أساسياً مع رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو بشأن خطط عسكرية تجاه إيران، وداعماً لتصعيد عسكري ضد الحوثيين في اليمن.

وتبقى إيران المحور الأكثر حساسية في أجندة الزيارة، ففي زيارة ترامب السابقة إلى السعودية عام 2017، أبدت القيادة السعودية والإماراتية رغبة واضحة في تجاوز نهج إدارة أوباما الدبلوماسي لصالح سياسة أكثر صرامة تجاه طهران لكن هذا الموقف شهد تطوراً ملحوظاً منذ ذلك الحين. ففي عام 2019، تعرضت منشأة نفطية سعودية لهجوم من قِبل وكلاء إيرانيين مما تسبب في خفض الإنتاج العالمي بنسبة 6% مؤقتاً، وقد خيّبت إدارة ترامب حينها آمال الخليج بعدم ردّها عسكرياً على ذلك الهجوم ما دفع قادة المنطقة إلى إعادة تقييم افتراضاتهم بشأن الضمانات الأمنية الأميركية، وموقف واشنطن المماثل في مواجهة هجوم الحوثيين على أبو ظبي عام 2022 زاد من تلك المخاوف. وقد أدركت العواصم الخليجية من خلال هذه الأحداث، أنها ستكون في الصفوف الأمامية لأي حرب إقليمية وأنها قد تجد نفسها في مواجهة التهديد الإيراني وحدها، وفي الوقت الذي تدفع فيه (إسرائيل) باتجاه مواجهة عسكرية مع طهران، باتت دول الخليج تميل أكثر نحو التهدئة وتشكل ما يشبه “كتلة مناهضة للحرب”.

وفي هذا الإطار شرعت الرياض في السنوات الأخيرة في مسار تقارب حذر مع إيران بوساطة صينية شمل إعادة إطلاق العلاقات الدبلوماسية والسعي لتجنّب التصعيد، ورغم ارتياحها لتراجع نفوذ إيران الإقليمي لا سيما فيما يتعلق بتدهور وضع حزب الله اللبناني، إلا أن دول الخليج لا تشارك (إسرائيل) قناعتها بأن الصدام مع طهران يخدم مصالحها. وإذا اختارت إدارة ترامب التصعيد مع إيران فإن دول الخليج ستطالب على الأرجح بضمانات أمنية واضحة مقابل تأييدها، مثل معاهدة دفاع رسمية – كما اقترحت إدارة بايدن سابقاً على السعودية – إضافة إلى صفقات تسليح ومكاسب سياسية واقتصادية ملموسة.

ورغم لهجته التصعيدية وميله إلى استخدام القوة فإن ترامب لطالما أبدى تردداً حيال الانخراط في حروب جديدة في (الشرق الأوسط)، وقد تخلّى في ولايته الثانية عن معظم الشخصيات المتشددة في الملف الإيراني وعيّن مبعوثاً خاصاً يتمتع بتفويض لإعادة التفاوض على اتفاق نووي جديد مع طهران، الا ان إبرام مثل هذا الاتفاق يتطلّب وقتاً وجهداً دبلوماسياً كبيرين وهو أمر قد يصعب تحقيقه في ظل الظروف الحالية. كما أن بعض مستشاري ترامب يدفعون بمواقف متشددة من بينها مطالبة إيران بوقف تام لتخصيب اليورانيوم وهو مطلب يكاد ينسف أي احتمال لنجاح المحادثات، وإذا فشلت هذه المفاوضات فقد يُفتح الباب مجدداً أمام صراع مسلح – على الرغم من تأكيد ترامب أنه لا يرغب في خوض حرب، ومع ذلك لا تزال إدارته حتى الآن متمسكة بخيار التفاوض بالرغم من اعتراضات (إسرائيل). ويُعدّ التوصّل إلى اتفاق نووي جديد مع طهران خطوة مهمة في سبيل استقرار المنطقة وتقليص احتمالات اندلاع حرب شاملة.

صفقة صعبة

    يعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب اتفاقات أبراهام من أبرز إنجازاته الدبلوماسية خلال ولايته الأولى، ولا شك أنه يطمح إلى إعلان انضمام المملكة العربية السعودية إلى هذا المسار خلال زيارته المرتقبة ليثبت بذلك نجاحاً لم يتمكن الرئيس بايدن من تحقيقه، ولولا الحرب الجارية في غزة لربما كان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على استعداد للمضي قُدماً نحو التطبيع مع (إسرائيل)، كهدية رمزية لترامب.

غير أن حجم المعاناة الإنسانية اليومية الناتجة عن الهجوم (الإسرائيلي) على غزة يجعل من مسألة التطبيع أمراً بالغ الصعوبة، فبينما تبدي الأنظمة العربية اهتماماً محدوداً بالقضية الفلسطينية فإن الرأي العام العربي لا يزال متعاطفاً بقوة مع الفلسطينيين، وتتابع الحكومات العربية هذا المزاج الشعبي عن كثب في ظل مخاوف مستمرة من اندلاع موجات احتجاج جديدة. وقد أدى تصاعد العنف في غزة إلى تدهور كبير في صورة (إسرائيل) والولايات المتحدة في المنطقة مما يدفع ولي العهد السعودي إلى رفع سقف مطالبه مقابل أي اتفاق محتمل، ومن المرجّح أن تشمل هذه المطالب ضمانات أمنية أميركية رسمية وصفقات تسليح وخطوات ملموسة نحو إقامة دولة فلسطينية – إذا ما قرّر المضي في الاتفاق أصلاً، ومع ذلك فإن مثل هذه الضمانات قد لا تكون كافية، خاصة في ظل تشكيك ترامب السابق بالتزام الولايات المتحدة تجاه حلفائها. وتخشى الحكومات العربية من الأهداف النهائية لكل من (إسرائيل) وترامب فيما يتعلق بمستقبل غزة والضفة الغربية، ففي شباط الماضي اقترح ترامب «ترحيلاً مؤقتاً» لأكثر من مليوني فلسطيني من سكان غزة مع إعادة توطينهم في دول مجاورة مثل مصر أو الأردن تمهيداً لتحويل القطاع إلى ريفييرا (الشرق الأوسط)، وقد قوبل هذا الطرح برفض واسع من قادة المنطقة لا فقط لأسباب إنسانية بل أيضاً لما قد يسببه من زعزعة استقرار في الدول المضيفة. وتخشى قطر من تحميلها مسؤولية فشل المفاوضات بين (إسرائيل) وحماس، بينما يقلق قادة الإمارات من تكليف بلادهم بتمويل إعادة إعمار القطاع، أما سائر الحكومات العربية فترى في استمرار الحرب تهديداً مباشراً لاستقرار مجتمعاتها الداخلية.

ويهدّد رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو بشنّ حملة عسكرية شاملة على غزة في حال عدم التوصل إلى وقف إطلاق نار بحلول 15 أيار – وهو توقيت يتزامن مع زيارة ترامب للخليج، ومثل هذا التزامن قد يضع القادة العرب في موقف محرج إذ قد يُنظر إلى لقائهم بترامب في هذا السياق وكأنه تواطؤ ضمني مع حملة التدمير، الا ان بعضهم يأمل في أن يتمكن من التأثير على ترامب المعروف بتأثّره بمواقف آخر من يلتقيهم.

كما تُبدي الحكومات العربية قلقاً متزايداً إزاء التوسّع (الإسرائيلي) داخل الأراضي السورية، فمنذ كانون الاول الماضي قامت (إسرائيل) بتوسيع منطقة نفوذها في الجنوب الغربي لسوريا وشنّت عشرات الغارات على مواقع داخل البلاد وذلك بعد الإطاحة ببشار الأسد على يد تحالف من الجماعات المتمردة، ورغم الحذر من بعض هذه الجماعات فقد مالت غالبية الدول العربية إلى دعم النظام الجديد بهدف تحقيق قدر من الاستقرار في بلد مزقته الحرب لأكثر من 13 عاماً. وقدّمت عدة حكومات عربية مساعدات مالية لدعم القيادة الجديدة في دمشق، فيما من المتوقع أن يشارك الرئيس السوري الجديد أحمد الشراع في القمة العربية المقبلة، ويسعى القادة العرب لمعرفة ما إذا كانت واشنطن تفضّل رؤية سوريا موحّدة ومستقرّة حتى تحت حكم مدعوم من قوى إسلامية سابقة، أم استمرار النزاع والتشرذم.

اتفاق أطول وأقوى؟

    رغم أن زيارة ترامب قد لا تسفر عن نتائج ملموسة تتجاوز توقيع بعض صفقات التسليح، إلا أن الفرصة متاحة له لتقديم مبادرة كبرى، ومن شأن إعلان نية واضحة للتوصّل إلى اتفاق نووي وسياسي مع إيران أن يشكّل تحوّلاً استراتيجياً مهماً. إذ يمكن لترامب استغلال التراجع المؤقت في وضع طهران لتعزيز دورها ضمن نظام إقليمي جديد يُسهم في الحد من خطر اندلاع حرب مع (إسرائيل) ويدفع نحو تحسين علاقات إيران مع دول الخليج ويُقيّد نفوذ وكلائها مثل حزب الله والحوثيين إضافة إلى بعض الجماعات المتمردة في سوريا، وإذا شمل الاتفاق عناصر تتجاوز الجانب النووي فسيكون بإمكان ترامب الادّعاء بأنه حقق اتفاقاً أفضل من ذلك الذي أبرمه الرئيس أوباما.

لكن هذا النهج الدبلوماسي تجاه إيران يتناقض مع دعم إدارة ترامب الكامل للعمليات العسكرية (الإسرائيلية)، وتبدو هذه الإدارة متقبلة للطموحات (الإسرائيلية) في إعادة تشكيل النظام الإقليمي عبر القوة، وإذا ما كان الثمن الذي تطلبه (إسرائيل) مقابل موافقتها على اتفاق نووي مع إيران هو منحها حرية تدمير غزة وربما ضمّ الضفة الغربية فإن أي مكاسب استقرار تنتج عن هذا الاتفاق ستكون قصيرة الأمد، لذلك ينبغي أن يرتكز أي اتفاق جديد مع إيران على إعادة صياغة شاملة للنظام الإقليمي تشمل في حدّها الأدنى وقفاً دائماً لإطلاق النار في غزة وتدفّقاً كبيراً للمساعدات الإنسانية ورؤية واقعية لمسار يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية.

غير أن هذا السيناريو يصعب تصوّره في ظل تركيبة الإدارة الحالية وعملياتها المؤسسية وأولوياتها السياسية، فترامب يبدو ميالاً إلى بناء نظام إقليمي يعتمد على القوة والمصالح المتبادلة وليس على الشرعية أو الشراكة المستقرة، كما أنه أضعف بشكل كبير أدوات القوة الناعمة الأميركية في المنطقة من خلال تقليص المساعدات الخارجية وإغلاق برامج الدبلوماسية العامة وتقييد دخول الأجانب إلى الولايات المتحدة. ومن شأن تأييد واشنطن لسياسات التهجير والضمّ في غزة أن يُفاقم من نقمة الرأي العام العربي على نحو لا يمكن لاتفاق نووي مع إيران أن يخفّف منه، وإذا كان ترامب جاداً في كسر حلقة الإخفاقات المتكررة للسياسة الأميركية في (الشرق الأوسط)، فإن هذه الزيارة إلى الخليج تمثّل لحظة مناسبة لبداية جديدة.

* Marc Lynch, What Does Trump Want in the Middle East? America’s Allies in the Region Wish They Knew, FOREGIN AFFAIRS, May 12, 2025.

**  لمقتضيات الأمانة العلمية، وضرورات الترجمة الدقيقة، تم الإبقاء على كلمة (إسرائيل)، وهو لا يعني اعتراف المركز بها، وما هو مكتوب يمثل راي وأفكار المؤلف.

Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?

Reload Reload document
| Open Open in new tab

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى