الاكثر قراءةتحليلات و آراءغير مصنف

دور السعودية في تهدئة النزاعات الدولية والإقليمية في عام 2025

بقلم: الباحثة عذراء محمد جابر

جامعة النهرين

 

في اطار جهودها لترسيخ مكانتها كوسيط دبلوماسي وسعيها لتعزيز واصلاح علاقاتها مع دول الجوار سعت المملكة العربية السعودية الى تبني العديد من المحادثات المتعلقة بالقضايا الحيوية والمهمة الدولية منها والاقليمية كونها تستند الى رؤيتها الاستراتيجية الموضوعة لعام 2030 والتي تنص على سعيها الى ان تكون طرفاً فاعلاً قادراً على قيادة ادوار مهمة في اوقات الازمات كما ان تحقيق هذه المكانة من شأنه ان يمنحها اهمية كبيرة تسهم في ضمان استقرار منطقة (الشرق الاوسط) وتعزيز نفوذها على القوى الاقليمية الاخرى، وتنمية روابط علاقاتها مع القوى الدولية، استضافت السعودية عدة لقاءات ثنائية ومتعددة الاطراف لتهدئة النزاعات نستذكر منها ما يلي:

                                                                                                                     

اولاً: على صعيد القضايا الدولية: برزت السعودية كوسيط في العديد من القضايا الدولية والتي كانت محل انظار واهتمام المجتمع الدولي من أبرزها:

  1. المحادثات الامريكية – الروسية: يعود جذور الصراع الامريكي- الروسي الى فترة الحرب الباردة (1947-1991)، وهو الصراع الذي مثل احد ابرز محاور التنافس الجيوسياسي في اطار النظام الدولي كونه صراع ذات ابعاد سياسية، عسكرية واقتصادية وعلى الرغم من تفكك الاتحاد السوفيتي في عام 1991 الى ان حدة التوتر بينهما ما زالت مستمرة في مواقف عديدة فمنذ عام 2014 وقيام روسيا بضم شبه جزيرة القرم الى اراضيها دخل الطرفان في مرحلة مواجهة مفتوحة اتسعت مع اندلاع الحرب الروسية– الاوكرانية عام 2022، وكخطوة نحو تهدئة النزاعات استضافت السعودية في 19/شباط/2025 محادثات امريكية– روسية جمعت وزراء خارجية كلا الدولتين، وهو اللقاء الاول بينهما منذ اندلاع الحرب في 2022، تم هذا الاجتماع برعاية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وبحضور وزير الخارجية الامير فيصل بن فرحان ومستشار الامن الوطني مساعد العيبان، بينما ترأس الوفد الامريكي وزير الخارجية الامريكي مارك روبيو ومستشار الامن القومي مايك والتز ومبعوث الولايات المتحدة (للشرق الأوسط) ستيف ويتكوف، ومثل الجانب الاوكراني رئيس مكتب الرئاسة الاوكراني اندري يرماك ووزير الخارجية اندري سيبيا ووزير الدفاع رستم عمروف، تمخض عن هذه المحادثات نتائج عدة في مقدمتها: الاتفاق على اعادة موظفي البعثتين الدبلوماسيتين والسعي لتشكيل فرق تفاوضية، تعزيز التعاون الاقتصادي بينهما، تبادل الاسرى والاتفاق على عقد هدنه لمدة 30 يوماً تمهيداً لوقف الحرب بشكل دائم والبدء بمفاوضات السلام، ولكن التوصل الى الى حل نهائي لم يتم في ظل غياب تسويات سياسية واضحة وتباين المواقف بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا.

  2. الصراع بين الهند وباكستان: تمثل قضية كشمير منذ عام 1947 اساس الخلاف بين الهند وباكستان فمنذ تقسيم الهند وحتى الوقت الحالي لم تتوصل الدولتين إلى اي اتفاقيات او محادثات من شأنها ان تسهم في تهدئة الوضع وتحديداً عام 2021 وهو العام الذي شهد توقف تام للمحادثات بين الطرفين، مما جعل اي موقف بينهما يكون قابل للتصعيد، أدت مجموعة من الاحداث السياسية والأمنية في عام 2025 إلى تصاعد وتيرة الخلاف بين الهند وباكستان ففي منتصف نيسان 2025 وقع هجوم مسلح استهدف قافلة سياح هنود في كشمير ادى إلى مقتل 20 شخص حملت الهند باكستان مسؤولية هذا الحادث، في ايار 2025 شنت القوات المسلحة الهندية ضربات جوية على عدة مواقع باكستانية الأمر الذي أدى إلى مواجهات عنيفة بين الطرفين في أعقاب هذه الاحداث تم إطلاق تصريحات سياسية من الطرفين إذ وصفت الهند باكستان في تصريحاتها بانها دولة ” راعية للإرهاب ” وبالمقابل اكدت باكستان استعداها بالرد على اي هجوم قد يمس اراضيها، منذ نهاية أيار 2025 عززت كلا الدولتين قدراتهما العسكرية ونقلتها إلى المناطق الحدودية، بعد تصاعد وتيرة الخلاف قامت دول عدة من بينها السعودية بالتدخل لمنع نشوب حرب شاملة ومدمرة فخلال المده 5-6/ أيار /2025 اجرى وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي فيصل بن فرحان مكالمات هاتفية مع وزير الخارجية الهندي س.جايشانكار ونظيرة الباكستاني اسحق دار مؤكداً على الالتزام بالامن والاستقرار الاقليمي والدعوة لانهاء التوتر والخلاف بينهما وفي 30/أيار/2025 عبرت السعودية عبر مواقع التواصل عن قلقها الشديد من تصعيد الوضع بين الهند وباكستان ودعت الطرفين للجوء إلى الوسائل الدبلوماسية تطبيقاً لمبدأ حًسن الجوار وضمان امن وسلامة كلا الدولتين وعند الإعلان عن وقف إطلاق النار بينهما وهو الامر الذي تم برعاية سعودية في نهاية ايار 2025 رحبت السعودية بهذا القرار واعتبرته خطوه مهمه نحو تعزيز الامن والاستقرار في جنوب اسيا في أعقاب الهجوم.

 

ثانيا: القضايا الاقليمية: برزت السعودية كوسيط اقليمي مهم مارس دوراً فاعلاً في العديد من القضايا الاقليمية ومنها:                                                                                          

  1. الصراع المسلح في السودان: ادى الصراع الذي اندلع في نيسان 2023 بين القوات المسلحة السودانية وقوات الرد السريع الى تصاعد حدة التوترات، اذ تمتلك السودان موقعاً جغرافياً حيوي ومهم مرتبط بأمن واستقرار منطقة البحر الاحمر وهو الموقع الذي يمثل ممراً حيوياً للتجارة العالمية وأمن الطاقة، منذ بدء الصراع مارست المملكة العربية السعودية دوراً محورياً تمثل بتسهيل نقل الاف الاجانب عبر ميناء بورتسودان فضلاً عن ممارستها دور الوسيط الى جانب الولايات المتحدة الامريكية من خلال استضافة محادثات جدة في ايار 2023 لوقف اطلاق النار كوسيلة للتفاهم بين القوات المسلحة وقوات الرد السريع السودانية، ولكن سرعان ما انهارت هذه المحادثات نتيجة مقاطعتها من قبل القوات المسلحة السودانية، بحلول عام 2025 شهدت العلاقات الامريكية السودانية توتر متزايد نتيجة الاتهام الموجه من قبل الولايات المتحدة الامريكية للقوات المسلحة السودانية بتدمير البنى التحتية ومنع وصول المساعدات الانسانية واستخدامها الاسلحة الكيميائية والتي تشكل انتهاكاً للاتفاقيات والمواثيق الدولية واتهامها قوات الرد السريع ايضاً بتنفيذ عملية ابادة جماعية، اذ اعلنت الولايات المتحدة الامريكية فرضها عقوبات شديدة على السودان تمثلت في: حظر الصادرات الامريكية اليها، ووقف الاعفاءات والقروض الحكومية نتج عن هذه العقوبات تداعيات عدة في مقدمتها انتشار المجاعة وتوقف للخدمات الانسانية، بلغت نقطة التحول هذه ذروتها في شباط 2025 وبذلك اعلنت المملكة العربية السعودية الى جانب دول الخليج الاخرى رفضها لاي خطوة قد تكون غير مشروعه وتتخذ خارج المؤسسات الرسمية للسودان مؤكدة على ضرورة انهاء الصراع والدعوة الى وقف القتال بالتنسيق مع الدول العربية والاسلامية واعلانها منحه تقدر بــ 3 مليار لإعادة الاعمار فضلاً عن ادانتها للطائرات المسيرة على مدينة بورتسودان.

  2. الحرب على غزة: في 7/تشرين الأول/2023 اعلنت حركة حماس شنها هجوماً مفاجئاً واسع النطاق على المستوطنات (الاسرائيلية)، المجاورة للقطاع جاء هذا الهجوم في اعقاب تصاعد التوترات السياسية والامنية نتيجة استمرار الحصار (الاسرائيلي) على القطاع، تمثل الرد (الاسرائيلي) بالقيام بعملية عسكرية مستهدفة البنى التحتية المدنية والعسكرية لغزة والتي تحولت فيما بعد الى حرب طويلة المدى ذات ابعاد عسكرية وسياسية وانسانية نتج عنها خسائر بشرية فادحة وازمة انسانية غير مسبوقة اثارت ردود فعل المجتمع الدولي، تمثل الموقف السعودي من الحرب على غزة باعلان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الى ضرورة مناصرة القضية الفلسطينية والرفض القاطع لاستهداف المدنيين، وفي ايار 2025 دعت السعودية الى انهاء العدوان وضمان وصول الامدادات والمساعدات الى قطاع غزة، كذلك اعدت السعودية الى جانب فرنسا وثيقة بعنوان اعلان نيويورك في تموز 2025 وهما الدولتان اللتان تولتا رئاسة المؤتمر وايدته 15 دولة اخرى الى جانب الاتحاد الاوروبي وجامعة الدول العربية، نص الاعلان على ضرورة وضع حد للحرب على غزة وايجاد حل سلمي للنزاع بين فلسطين و(اسرائيل) والتأكيد على حفظ الامن والسلم الدوليين في الاراضي الفلسطينية كما اكدت السعودية الى جانب الدول الاخرى على ضرورة ادخال المساعدات الى القطاع وضرورة نشر بعثة دولية مؤقتة لإرساء الاستقرار في غزه والتأكيد على رفض التهجير القسري للسكان الفلسطينيين وعودتهم الى منازلهم ومنع نقلهم الى خارج القطاع، مؤكدة على ضرورة قيام دولة فلسطينية مستقلة ضمن حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية .

  3. سقوط نظام بشار الاسد في سوريا: مثل سقوط النظام السوري السابق في 8/كانون الأول/2024 نقطة محورية في تاريخ منطقة (الشرق الأوسط)، اذ اسهمت مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية في اضعاف تماسك السلطة في مقدمتها تراكم العديد من ألازمات السياسية والأمنية والاقتصادية، بالإضافة إلى ضعف الدعم الشعبي وتزايد الضغوطات العسكرية من قوى المعارضة والتحالفات الخارجية، شكل هذا التحول نقطة فاصلة في مسار الأزمة السورية، والذي ادى الى إعادة تشكيل مشهد السلطة والنفوذ في المنطقة، ومهد الطريق لتحولات جذرية في بنية النظام السياسي والاجتماعي السوري، اعلنت السعودية شأنها شأن العديد من الدول الاخرى موقفها ازاء هذا التحول المهم، اذ تمثل الموقف السعودي بالسعي لتقديم الدعم للشعب السوري فضلا عن مطالبتها المجتمع الدولي بعدم التدخل في شأن سوريا الداخلي، وقيامها بفتح جسراً جوياً لنقل المساعدات الانسانية وارسالها وفداً من الديوان الملكي السعودي لمناقشة مسألة الدعم الاقتصادي المقدم للحكومة السورية الجديدة، وفي 31/أيار/2025 قام وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بإجراء زيارة الى دمشق والتي عُدت خطوة مهمة في مجال تطوير العلاقات وتعزيز التعاون بين السعودية وسوريا اذ تم بموجبها مناقشة قضايا عدة منها: دعم استقرار سوريا وعودة الحياة الاقتصادية وتنمية الاستثمارات وزيادة حجم التبادل التجاري وتقديم الدعم المالي لسوريا بالاشتراك مع قطر وفي ايار 2025 اعلنت السعودية بالتعاون مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي عن التزامها بدعم جهود سوريا نحو التعافي الاقتصادي اذ تم توقيع مذكرات تفاهم لاستثمارات بقيمة 7 مليار دولار مع عدة شركات في مجال الطاقة، وفي زيارة اجراها الرئيس الامريكي دونالد ترامب وخلال انعقاد القمة الخليجية – الامريكية في أيار 2025 اعلن عن نيته في رفع معظم العقوبات المفروضة على سوريا بعد مناقشات اجراها مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس التركي رجب الطيب اردوغان دخل هذا القرار حيز التنفيذ في 30/حزيران/2025 كخطوة لزيادة فرص تعافي الاقتصاد السوري فضلاً عن ذلك اعلن الاتحاد الاوروبي رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا ايضاً كوسيلة لدمج الاقتصاد السوري مع الاسواق العالمية.

Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?

Reload Reload document
| Open Open in new tab

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى