تحليلات و آراءغير مصنف

هل أقتربت المواجهة الشاملة ؟ تحليل وقراءة في أبعاد التصعيد ( الاسرائيلي – الايراني)

التدريسي الاستاذ : أحمد عبد السلام هورامي

كلية العلوم السياسية / الجامعة المستنصرية

 

شهدت ألاسابيع الاخيرة الماضية ، تصاعد التوتر بين إيران (واسرائيل  )الى مستويات غير مسبوقة في الصراع المستمر بينهم منذ اكثر 4 عقود مضت ، حيث تجاوزت التصريحات الاعلامية والتحذيرات المتبادلة لتصل مدياتها القصوى بعد إغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس ( أسماعيل هنية ) في قلب طهران لتعلن بعدها ايران القيام بعمليات الوعد الصادق الاولى والثانية وصولا الى العلميات الحالية ( الوعد الصادق 3)، حيث استبقت ( اسرائيل ) المفاوضات النووية بإعلان ان المفاوضات اثبتت فشلها رغم ان طرفي الحوار ( إيران والولايات المتحدة ) الى جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية كانوا ما يزالون في طور المفاوضات للوصول الى حل يرضى الاطراف جميعها بعيدا عن شبح الحرب والدمار .  ورغم ان هذا التوتر في الفترة الاخيرة اتخذ شكل تصعيدي اكثر وضوحا بسبب عمليات الاغتيال التي قام بها الجانب ( الاسرائيلي ) للعلماء النوويين داخل ايران إضافة الى الهجمات الايرانية السيبرانية على مواقع الكترونية وعسكرية حساسة داخل ما يسمى بـــ ( إسرائيل ) .

     غير ان ( اسرائيل ) و ببلطجتها المعهودة قد اعلنت من جانبها شن عمليات حربية تضمنت مشاركة اكثر من 200 طائرة حربية  ومسيرات إنتحارية في قصف اهداف وصفتها بالنووية وبالعسكرية في قلب طهران ومهر آباد وشيراز واصفهان ، مما فتح المجال امام تساؤلات عديدة حول تطور القصف الى مواجهة شاملة خصوصا ان الجانب الايراني لم يكتفي هذه المرة بالرد بالقصف مرة واحدة فقط بل مازال مصرا على الرد العسكري وبشكل دفعات صورايخ عابرة للقارات ( باليستية ) صدم اغلب العسكريين والمحللين من قوتها ودقة إصابه اهدافها ، الى جانب إستخدام الصورايخ فرط الصوتية ( أسرع من الصوت بإضعاف ) والتي وقفت الدفاعات ( الاسرائيلية ) عاجزة عن صدها على مدار الايام الماضية بل واثبتت عجزها الكلي عن التصدي بشكل فعال مما سبب دمارا واسعا في البنى التحتية داخل ( اسرائيل ) بشكل لم يتوقعه احد من الداخل هناك . في الحقيقة ان اسباب هذا التصعيد وتحليليها يمكن ان يعزو الى الاسباب الاتية :

  • الضغوط الداخلية : حيث ان كل من ( إسرائيل ) وايران يواجهون ضغوط داخلية مثل التحديات الاقتصادية والحصار الذي يواجه ايران بسبب العقوبات الامريكية اضافة الى المشاكل الداخلية التي يواجهها الرئيس (الاسرائيلي ) نتنياهو بسبب العلميات العسكرية على قطاع غزة وملف الاسرى الاسرائليين الغير محسوم الى هذه اللحظة والازمات التي تلاحقه من قضايا قضائية اخرى ، فقد استخدم الصراع الحالي كأداة لتحويل الانظار .

  • الفراغ الدولي : حيث ان الولايات المتحدة منشغلة في الوقت الحالي بقضايا داخلية وملفات دولية اخرى مثل ملف الحرب الوسية على اوكرانيا والاتفاق التجاري مع الصين ، كذلك ضعف الردع الدولي ومؤسسات الامم المتحدة الامر الذي شجع الجانب ( الاسرائيلي ) على التمادي ورفع سقف المواجهة .

  • التغيير في قواعد الاشتباك : حيث ان الضربات ( الاسرائيلية ) الاخيرة باتت تستهدف قلب العاصمة طهران إضافة الى استهداف قادة الصف الاول في الجيش الايراني بمعنى ان المواجهة هذه المرة تختلف عن القيام بمناورة ضغط مما جعل طهران تسعى وبالرد العسكري لإثبات قدرتها على المقاومة والثبات وإيصال رسائل بقدرتها على إستخدام الوسائل الردعية كافة حتى وان تطلب الامر المواجهة العسكرية المباشرة .

  • الحفاظ على مكتسبات القدرة النووية : حيث تسعى ايران الى الوصول الى حل عادل لقضية الملف النووي بالشكل الذي يضمن المصالح الايرانية بالدرجة الاساس حتى لو تطلب الامر الذهاب الى مواجهة مباشرة مع الكيان المحتل قد تستغرق تلك المواجهة اسابيع .

 

   وبالرغم من إرتفاع حدة التصعيد والمواجهة ، الا ان  بعض التحليلات تشير الى ان الطرفين لايسعيان الى مواجهة كبرى او شاملة ، بل ان هناك قواعد جديدة للردع تسعى (اسرائيل ) في تثبيتها بالتعامل الجديد مع الملف الايراني لإن اسرائيل وفي الوقت الحالي تخوض المواجهة وحدها وان كان هناك دعم غير معلن من قبل ترامب للهجمات والاعتداءات الاخيرة على طهران ، لإن ( اسرائيل ) غير قادرة على مواجهة ايران وحدها ولاتسعى الى فتح عدة جبهات من دول ( محور الممانعة ) والقصد هنا الفصائل المتواجدة في العراق واليمن او لبنان على حد سواء ، خاصة في ظل الخسائر التي تواجهها في غزة بمعركة مازال الحسم فيها بعيدا ، وكذلك تدرك إيران ان اي حرب واسعة ستكون مكلفة جدا على المستوى الاقتصادي بل وحتى السياسي . غير ان خطر الانزلاق نحو تصعيد اخطر سوف يظل قائما خصوصا اذا ما كان هناك ضربة (خارج التقدير ) او عملية إنتقامية غير محسوبة قد تمس قيادات اخرى في ايران قد تشعل فتيل حرب يصعب وقفها بمجرد إندلاعها .

    وفي الختام ، فأن المشهد الراهن يوحي بأن الطرفين لايرغبان بأن تكون هناك مواجهة شاملة طويلة الامد فهي ما زالت غير حتمية بعد ، حيث يبقى الامل على قنوات الاتصال غير المباشرة التي ترغب بأن لايكون هناك تصعيد خطير خصوص على المفاعلات النووية الايرانية بسبب خطر التسرب الاشعاعي الذي قد يؤدي الى عواقب خطيرة على دول الجوار الاقليمي ( دول الخليح ) بالدرجة الاساس ، حيث انها تراقب الوضع عن كثب وتخشى من امتداد لهيب المناوشات على اراضيها .  حيث ان المواجهة العسكرية المباشرة وصيرورتها الى حرب شاملة سوف تجر خلفا اطراف عديدة في الصراع من حلفاء إقليميين وتنظيمات مسلحة ومصالح دولية متشابكة اضافة الى القلق الدائم من إقدام الجانب الايراني بغلق مضيق هرمز بالقوة العسكرية الامر الذي سوف يؤدي الى ارتفاع أسعار النفط بشكل جنوني بسبب قلة الصادرات النفطية من العراق او دول الخليج الى باقي انحاء العالم ، ويبقى التحدي الاكبر في الوقت الحالي هو التعويل على المجتمع الدولي في كبح جماح الكيان الغاصب والتهور الذي يطال المنطقة بشكل عام حيث هناك تحركات لضبط الايقاع السياسي والعسكري بعد ان وصلت المنطقة الى حافة النار والمواجهة الشاملة التي هي مستبعدة في الوقت الحالي ، لكنها تلوح في الافق في هذه المواجهة اكثر من اي وقت مضى . قد تحدد مستقبل الصراع لعقود قادمة بسبب وجود مشروعين متناقضين وبسبب اعادة توازن القوى في الشرق الاوسط ، لذلك فأن الرهان الحقيقي هو ان يكون هناك منطق إستعادة السياسة ولغة المفاوضات غير المباشرة وليس المراهنة على الحسم العسكري .

Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?

Reload Reload document
| Open Open in new tab

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى