ترجماتسلايدر

حزب الله, حماس, إيران: كيف يمكن للضم الاسرائيلي ان يثير حرباً متعددة الجبهات خلال أسابيع

صحيفة هآارتس الاسرائيلية اليسارية – مقال رأي صادر بتأريخ 17-6-2020

تشاك فريليش – نائب مستشار الأمن القومي الاسرائيلي السابق, يُدَرِّس العلوم السياسية في جامعتي كولومبيا و تل أبيب, مؤلف كتاب (الأمن القومي الإسرائيلي: استراتيجية جديدة لحقبة التغيير) الصادر عن دار جامعة اوكسفورد للنشر  عام 2018.

ترجمة: ضحى الخالدي

     تقف اسرائيل أمام واحدة من اصعب الفترات التي عرفتها في اي وقت مضى, من ازمة فايروس كورونا الاقتصادية الى اعتداء نتنياهو على سيادة القانون, إلا ان خطة الضم هذه قد تقودنا الى شفا الحرب – وما بعدها.

تواجهاسرائيل واحدة من اصعب الفترات التي عرفتها في اي وقت مضى, انها على وشك عاصفة شاملة.

الأزمة السياسية و القانونية التي تحيط –تحاصر- محاكمة بنجامين نتنياهو بالكاد بدأت.  بعد أن نجح في نزع فتيل العقبات السياسية لحكمه المستمر, يقوم رئيس الوزراء الآن بإجراء حملة جامحة لتقويض النظام القضائي و سيادة القانون كي ينقذ نفسه من حكم محتمل بالسجن. لا معيار, و لا مؤسسة, مقدسة.

   هذه الحملة تستفز -تم التحريض عليها من قبل- المتآمرين الصامتين على نتنياهو في حزب الليكود, و شركاء التحالف الضعيف من حزب بيني غانتس أزرق ابيض (كاحول لافان) . الأعمدة الاساسية للديمقراطية في إسرائيل ستهتز حتى القلب–الّلُب-.

    بالتزامن مع ذلك فإن وباء كورونا سبَّب ازمةً اقتصاديةً غير مسبوقة لاسرائيل. البطالة في حالة مروعة بنسبة 25%, حزم التحفيز الحكومية كان لها تأثير مخيب للآمال على الاقتصاد حتى الآن, و الاقتصاد العالمي في كساد شديد.

   في الأسابيع المقبلة اذا نفدت إعانات البطالة و بدأ العامة يدركون بشكل كامل عمق الازمة, فإن الاعمدة الرئيسية للمجتمع الإسرائيلي ايضاً ستهتز بشدة. ليس للاشئ سعى نتنياهو لاحتواء حزب ازرق ابيض في تحالف (الوحدة الوطنية), لتقاسم اللوم السياسي.

    تواجه اسرائيل ايضاً عدداً من التحديات الامنية القومية, بعضها صنعتها بنفسها, و التي تهدد بتغيير وجه المنطقة, و تفاقم إلى حد كبير عزلة إسرائيل الدولية الشديدة ونزع الشرعية بالفعل.  و تقودنا الى شفا الحرب و ربما ما بعدها. الاعمدة الاساسية للامن القومي الإسرائيلي سيتم إرهاقها بشدة.

   ربما يكون اليمين محقاً في تقديره ان اسرائيل تواجه فرصةً فريدةً لمرة واحدة من اجل ضم احادي الجانب للضفة الغربية او اجزاء منها, و ان الاستجابة الاقليمية و الدولية ستكون صامتة, على غرار ما حدث بعد اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمةً لاسرائيل و ضم مرتفعات الجولان. العالم العربي لم يكن ابداً اضعف مما هو عليه الآن و لا أقل قدرةً على تصاعد استجابة فعّالة. إيران مشغولة بcovid-19  خاصتها, ازماتها الاقتصاديةو ازمات القيادة, و المجتمع الدولي مشغول بهذه القضايا كذلك. و علاوةً على ما سبق فإن الضم يتمتع بموافقة إدارة ترامب.

على كل حال هناك المزيد من السيناريوهات الشديدة و المعقولة.

الفلسطينيون اعلنوا فيما مضى بانهم لن يعتبروا انفسهم بعد الآن مرتبطين باتفاقات أوسلو و انهم ينهون الارتباط الامني مع اسرائيل. على افتراض انهم يردون على الضم كما هي عادتهم, مع موجة من العنف و الإرهاب, جيش الدفاع الاسرائيلي سيكون مدفوعاً لاستعادة النظام و من الممكن ان يستعيد السيطرة على المناطق الواقعة خلف تلك المخطط لضمها.

الجو الناتج من الفوضى و الازمة من الممكن ان يخلق الظروف التارخية الضرورية لتحقيق لعبة النهاية الحقيقية ذات المرحلتين لليمين: ان ضم كل الضفة الغربية يضع نهايةً لمرة واحدة و الى الابد لتطلعات الفلسطينيين في إقامة دولة هناك, و يخلق الاضطرابات في الاردن, اما باستجابة مباشرة, او نتيجة تبعات تدفق اللاجئين من الضفة الغربية, مما يؤدي الى سقوط الملكية و إقامة دولة فلسطينية على أطلالها.

القرار الاولي بضم محدود فقط قد يؤدي الى تدهور سريع لمسار الاحداث المؤدية الى تغيير اللعبة و الذي يقود الى تجديد سيطرة اسرائيل على اكثر من 2.5 مليون فلسطيني. علاوةً على ذلك و فوق التحديات التي سيطرحها ذلك على شخصية اسرائيل المستقبلية كدولة يهودية و ديمقراطية, فإن الضم يشكل عبئاً اقتصادياً لا يطاق. التكلفة على الاقتصاد الاسرائيلي ستكون بالمليارات, الموارد الثمينة التي تحتاجها بشدةللبطالة, الصحة, التعليم, البنى التحتية,و كل شئ آخر.

   علاوةً على ذلك فإن الضم سيجعل من العسير على حماس  الحفاظ على الهدوء النسبي الذي ساد في الآونة الأخيرة, و التصعيد مع حزب الله و القوات الايرانية في سوريا ممكن ايضاً, فقط اسابيع من الآن و ستجد اسرائيل نفسها وسط مواجهة متعددة الجبهات غير مسبوقة. حزب الله لوحده يمتلك ترسانة من 130000 صاروخ.

   العلاقات الامنية التي لا تقدر بثمن مع الاردن و مصر و التي تم الحصول عليها بشق الانفس ستعاني, اتفاقيات السلام مع كلا البلدين ستوضع في اختبار عسير, و تصرفات اسرائيل قد تجبرهم خلافاً لمصالحهم و رغباتهم على إلغائها.

التعاون المتنامي مع السعودية و بقية دول الخليج, و الذي توليه اسرائيل اهمية كبيرة بشكل صحيح قد يتراجع و قد يتعطل على الرغم من وجود العدو الايراني المشترك. بالنسبة لإيران فإن الضم سيوفر فرصة غير متوقعة لتقوية محور المقاومة.

   الوجود العسكري الايراني في سوريا مستمر بالتنامي رغم بذل اسرائيل أقصى جهودها, و هجماتها السيبرانية مؤخراً تجاوزت عتبة جديدة للخطر. الاكثر إثارةً للقلق – او ما ينذر بالخطر أكثر- ان ايران بشكل أساسي رفعت القيود التي فرضتها على نفسها بموجب الاتفاق النووي لعام 2015, و ان الولايات المتحدة و إيران يبدو انهما يتجهان نحو مسار تصادم.

وقد تبادل الجانبان بالفعل سلسلة من الضربات العسكرية في السنوات الاخيرة, و قد نصل ذروة الازمة في تشرين الاول-اكتوبر إن لم يكن قبله, حول نية الولايات المتحدة التي تم الإعلان عنها مؤخرًا بالسعي إلى تمديد عقوبات مجلس الأمن على الأسلحة التقليدية, بسبب انتهائها في ذلك الوقت. مهما كانت الاحداث فإن النتائج بالنسبة لاسرائيل ستكون خطيرة.

الحاجة الى الإجماع قد تمنع الاتحاد الاوروبي من فرض عقوبات شاملة من جانب الاتحاد الاوروبي على اسرائيل, الا ان هذا لا يمكن تأكيده لفترة طويلة, و على أي حال ، فإن دولاًأعضاء منفردة  قد أبلغت إسرائيل بالفعل بنيتها اعتماد إجراءات عقابية من جانب واحد ، إذا ثبت أن ذلك ضروري. صناعة التكنلوجيا العالية في اسرائيل, محرك نموها القومي, سيتم تقويضها, و كذلك قدراتها العلمية و غيرها من القدرات الاكاديمية.

  عاجلاً او آجلاً ستنتخب الولايات المتحدة رئيساً ديمقراطياً. سواءً كان جو بايدن أو خليفةً مستقبلياً, من خبرة شخصية, استطيع ان اشهد تماماً على أنه كم من الممكن ان يكون بايدن صعباً –صارماً- حتى مع كونه صديقاً حقيقياً  لاسرائيل. الاتجاهات الديمغرافية طويلة المدى في الولايات المتحدة تفضل الحزب الديمقراطي ، الذي هو أيضًا موطن لغالبية ساحقة من الجالية اليهودية الأمريكية.

  خلال السنتين الماضيتين كان هناك انخفاض شديد الانحدار لدعم اسرائيل بين الديمقراطيين و ثلاثة من المرشحين القياديين للرئاسة حتى انهم تحدثوا عن تقييد المساعدات العسكرية الاميركية لاسرائيل التي لا تزال حتى الآن حجر الأساس المقدس (للعلاقة الخاصة) نتيجة التغيراتفي سياساتهاللضفة الغربية. كل هذا الكلام السابق عن الضم ، الذي تسبب بالفعل في ردة فعل شديدة ، حتى قبل أن يبدأ.

   ربما على المرء ان يكون قريباً من تيارات الراي العام الأميركي ليقدِّر بشكل كامل حجم الغضب المكبوت في الجانب الديمقراطي. الشعور بأن إسرائيل تسدد للولايات المتحدة عقوداً –عشرات السنين-  من الدعم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وفي كل منتدى دولي آخر، مساعدات هائلة, الضمان الامني بحكم الواقع, التخطيط الاستراتيجي و التنسيق, و اكثر من ذلك, بصفعة على الوجه. اعتماد إسرائيل على الولايات المتحدة يكاد يكون كاملاً ووجوديًا. سيكون من الصعب رأب الصدع بين إسرائيل والجالية اليهودية الأمريكية.

إن التأثيرات المجتمعة مما سبق هي أن إسرائيل تقترب بسرعة من عاصفة شبه كاملة– شاملة – ، وعيناها مفتوحتان.من الممكن ، بالطبع ، ألا تكون الأحداث قاسية تمامًا كما يُخشى ، ولكن الكثير مما سبق سيتحقق. الأناس الحكماء لا يلعبون الروليت بمستقبلهم القومي.

الأمر متروك لشخص واحد ، رئيس الوزراء نتنياهو ، لوقف حطام القطار الوشيك. لسوء الحظ ، من غير المحتمل أن يفعل ذلك. إنه لعار. كانت إسرائيل دولةً جميلةً.

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *