الاكثر قراءةترجماتغير مصنف

هل حققت الهجمات على إيران أهدافها؟

  (إسرائيل) والولايات المتحدة ربحتا الوقت مؤقتاً، لكن العواقب قادمة*

بقلم: ريتشارد نيفيو

ترجمة: صفا مهدي عسكر/ مركز حمورابي للبحوث والدراسات الإستراتيجية

تحرير: د. عمار عباس الشاهين/ مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية

في 24 حزيران توصّلت كلٌّ من إيران و(إسرائيل)** والولايات المتحدة إلى اتفاق لوقف إطلاق النار ما أنهى نحو أسبوعين من التصعيد العسكري، خلال فترة النزاع شنّت (إسرائيل) ضربات على عشرات الأهداف النووية الإيرانية المؤكدة أو المشتبه بها، ومع دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة استخدمت قنابل خارقة للتحصينات لضرب منشأة فوردو التي يصعب على (إسرائيل) الوصول إليها واستهدفت منشأتين أخريين، ومع انقشاع غبار المعارك بات لزاماً على المحللين تقييم نتائج هذه الضربات وما إذا كانت تستحق كلفتها السياسية والاستراتيجية.

لا يزال من المبكر تحديد مدى النجاح الذي حققته عمليتا “الأسد الصاعد” و”مطرقة منتصف الليل” وهما الاسمان اللذان أطلقتهما (إسرائيل) والولايات المتحدة على حملتيهما العسكريتين في تأخير البرنامج النووي الإيراني، وتشير تقديرات استخباراتية أميركية أولية – جرى تسريبها – إلى أن الضربات قد أخّرت “زمن الاختراق النووي” الإيراني لبضعة أشهر فقط، ومع ذلك يدّعي كل من رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الأضرار كانت أوسع وأعمق. وتؤكد البيانات الرسمية الصادرة حتى الآن عن الجانبين هذا التصور العام لكنها تفتقر إلى تفاصيل فنية دقيقة بشأن التأثير المباشر على الجدول الزمني لقدرة إيران على إنتاج سلاح نووي، والراجح أن إيران نفسها لم تتوصل بعد إلى تقييم دقيق لحجم الضرر الذي لحق بمشروعها النووي، وما تزال قيادتها تبحث خيارات الرد أو التكيّف.

مع ذلك بدأت تتضح معالم الأثر المباشر للهجمات، فمن المؤكد أن الضربات ألحقت أضراراً فادحة بمنشآت التخصيب وأدت إلى مقتل عدد من العلماء البارزين، كما دُمّرت معدات حساسة وطُمرت تحت الأنقاض. ورغم ذلك لا يُستبعد أن تكون إيران لا تزال تمتلك عناصر أساسية لصناعة سلاح نووي من بينها كميات من اليورانيوم عالي التخصيب إما لأنها كانت مخزّنة في أماكن محصّنة أو لأنها قابلة للاستخراج من مواقع الضرب، ومن المرجح أيضاً أن تعمد طهران إلى تعزيز سرية أنشطتها النووية حتى في حال عودتها إلى طاولة المفاوضات، ومن ثمّ فإن الجدول الزمني الإيراني لتطوير سلاح نووي قد يشهد تبايناً كبيراً فقد تتخلى إيران عن خيار السلاح كلياً أو قد تنجح في امتلاكه بسرعة أكبر مما يُتوقع.

الخسائر الإيرانية

     بصرف النظر عن الأثر الفوري على “زمن الاختراق النووي” من الواضح أن البرنامج النووي الإيراني تعرّض لنكسة كبيرة، فقد لحقت أضرار جسيمة بثلاث من أهم منشآت إيران النووية مركز أصفهان للأبحاث النووية ومفاعل نطنز لتخصيب الوقود ومنشأة فوردو للتخصيب، وتعرضت أجزاء كبيرة من موقعي أصفهان ونطنز للتدمير الكامل، كما دُمّر مفاعل آراك مما أنهى أي إمكانية قريبة لإنتاج البلوتونيوم المستخدم في الأسلحة النووية.

وشملت الضربات (الإسرائيلية) أيضاً عدداً من مواقع البحث والتطوير الأخرى منها مرافق تابعة لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية ومنظمة الابتكار الدفاعي التابعة للجيش والتي يشتبه الخبراء بأنها تضطلع بدور في أبحاث الأسلحة النووية، أما مقتل ما لا يقل عن 12 عالماً نووياً إيرانياً خلال الضربات فقد مثّل خسارة فادحة للمعرفة التراكمية والخبرة العملية التي راكمتها إيران على مدى عقود في هذا المجال، كما أن استهداف برنامج الصواريخ الإيراني قد يؤثر على قدرة البلاد على تطوير وسائط إيصال فعالة للأسلحة النووية.

ورغم هذه الخسائر لم يكن حجم الضرر مفاجئاً، فقد كانت (إسرائيل) والولايات المتحدة على يقين منذ سنوات بأن بإمكانهما توجيه ضربات دقيقة للمنشآت النووية الإيرانية وهو ما يفسّر تركيزهما الطويل الأمد على تطوير ذخائر مخصصة لهذه المهمة إلى جانب التدريب المكثف والتخطيط الدقيق، وقد أثبتت الهجمات من الناحية التقنية والعملياتية مستوى عالياً من الاحتراف العسكري، غير أن هذا النجاح التكتيكي لا يجيب على السؤال الأهم إلى أي مدى تمكّنت هذه الضربات فعلياً من إعاقة المسار النووي الإيراني وكم من الوقت ستكسبه (إسرائيل) والولايات المتحدة قبل أن تعاود إيران نشاطها؟

السؤال المحوري الآن هو هل لا تزال إيران تحتفظ بمخزونها من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60%؟ تشير تقارير متداولة إلى أن هذه المادة مخزّنة تحت الأرض في منشأتي فوردو وأصفهان حيث خلّفت الضربات الأميركية و(الإسرائيلية) دماراً واسعاً، إلا أن الإيرانيين اتخذوا منذ سنوات تدابير وقائية فقاموا بوضع هذه المواد في أعماق الأرض تحسباً لهجوم خارجي بل وأغلقوا بعض مداخل الأنفاق في أصفهان قبل الضربات بهدف حمايتها، وإذا بقيت أجزاء من هذا المخزون سالمة فإن استرجاعها ليس إلا مسألة وقت وجهد وهو ما تملكه طهران بالفعل.

كما لا توجد معلومات مؤكدة حول ما إذا كانت إيران لا تزال تمتلك أجهزة الطرد المركزي المتقدمة القادرة على تخصيب اليورانيوم إلى مستويات عسكرية، وبالمثل تبقى المعلومات شحيحة بشأن ما إذا كانت البلاد تحتفظ بالمعدات اللازمة لتحويل اليورانيوم المخصّب إلى سلاح فعلي، فمنذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي (خطة العمل الشاملة المشتركة) عام 2018 بدأت إيران إنتاج مكونات متقدمة لأجهزة الطرد المركزي، ونقلتها إلى منشآت تحت الأرض في نطنز عام 2021، وتوقفت منذ ذلك الحين عن تقديم بيانات عامة بشأن حجم إنتاجها. في 13 حزيران وهو اليوم الذي بدأت فيه الضربات (الإسرائيلية) كانت إيران تستعد للإعلان عن منشأة تخصيب جديدة في أصفهان بحسب ما أفاد به المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي الذي لم يقدّم لاحقاً أي تفاصيل إضافية، وقد يكون هذا الموقع في الأنفاق التي كانت تحتوي على المخزون الإيراني من اليورانيوم، ومع ذلك لا تتوفر معلومات دقيقة حول ما إذا كانت هذه الأنفاق قد دُمِّرت بالكامل أو ما إذا كانت محتوياتها لا تزال صالحة للاستخدام.

أما بقية منشآت أصفهان فمن شبه المؤكد أن الضربات دمّرت فيها معدات رئيسية لتحويل اليورانيوم إلى مكونات صالحة للاستخدام العسكري غير أن احتمال وجود معدات مشابهة في أماكن أخرى يبقى قائماً، وقد كان تقاعس إيران عن الرد على استفسارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن أنشطتها السابقة أحد الأسباب التي دفعت الوكالة إلى إعلان طهران في حالة خرق رسمي لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في 12 حزيران. في المحصلة يبدو أن إيران لا تزال تحتفظ بخيارات قصيرة الأمد للوصول إلى القدرة النووية، فقد تكون لديها كمية كافية من اليورانيوم عالي التخصيب فضلاً عن المعدات والخبرات الفنية اللازمة لإنتاج سلاح نووي، أما من الناحية البشرية فلا تزال هناك كوادر علمية إيرانية مؤهلة تعمل في البرنامج النووي. وإذا ما كان هذا البرنامج يعتمد على مجموعة ضيقة من النخب العلمية فإن مقتل بعض الأفراد قد يشكّل ضربة حقيقية، أما إذا كان يقوم على نموذج تعاوني أشبه بـ”سباق التتابع” يُوزَّع فيه العمل والمعرفة بين فرق متعددة، فإن الفاقد في الكفاءة قد يكون أقل تأثيراً وقد تُعوّضه الكوادر المتبقية بسرعة نسبية، وبذلك فإن القدرة الإيرانية على إعادة بناء البرنامج النووي أو حتى تسريعه لا تزال قائمة رغم الخسائر الكبيرة التي لحقت به.

الأضرار الجانبية

حتى في أفضل السيناريوهات – التي تفترض أن واشنطن وتل أبيب نجحتا في تأخير البرنامج النووي الإيراني لعدة سنوات – فإن الحملة العسكرية قد تترتب عليها كُلف باهظة على جهود الولايات المتحدة في التعامل مع إيران بطرق أخرى، فقد أقرّ البرلمان الإيراني على سبيل المثال تشريعًا جديدًا من شأنه أن يحدّ بشكل كبير من تعاون طهران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، وعلى الرغم من أن عمل مفتشي الوكالة لم يكن مثاليًا وأن قدرتهم على الوصول الكامل إلى المواقع النووية الإيرانية كانت دائماً محدودة – إذ إن منشأة فوردو نفسها بُنيت سرًّا لسنوات قبل أن يُعلن عنها وتُخضع للتفتيش – فقد كانت الوكالة أداة ذات قيمة كبيرة، فهي التي نبّهت المجتمع الدولي في آب 2005 إلى استئناف تشغيل منشأة تحويل اليورانيوم وهي التي رصدت تشغيل أجهزة الطرد المركزي الأولى تحت الأرض في نطنز، أما اليوم فقد تخسر الوكالة ما تبقى من نفاذ إلى الداخل الإيراني.

وقد تكون تبعات ذلك خطيرة فإلى جانب دورها في الكشف عن التقدّم النووي وفّرت تقارير الوكالة وسيلة موثوقة وشفافة للتحقق من المعلومات الاستخباراتية حول البرنامج النووي الإيراني، فعندما نشرت الوكالة بيانات عن مخزون إيران من اليورانيوم المخصّب استطاع الخبراء المستقلون بناءً عليها احتساب حجم المواد الانشطارية لدى طهران ما ساعد في إثبات أن مزاعم واشنطن لم تكن مجرد نظريات مؤامرة، كما استخدمت أجهزة الاستخبارات تقارير الوكالة لمراجعة تقييماتها الذاتية الأمر الذي عزّز ثقتها بفهمها للبرنامج النووي الإيراني، وربما الأهم من ذلك أن الوكالة وفّرت طمأنة حقيقية للمجتمع الدولي بأن إيران لم تُنتج سلاحًا نوويًا، وبكلمات أخرى أدّت الوكالة وظيفتها الجوهرية تأمين الشفافية التي تسمح بتطوير برامج الطاقة النووية السلمية ضمن إطار قانوني. ومن غير المستبعد أن تقرر إيران الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) التي تُلزم الدول الموقِّعة بعدم السعي لامتلاك سلاح نووي مقابل الحصول على التكنولوجيا النووية السلمية والخضوع لإشراف الوكالة، صحيح أن بعض المحللين يرون أن المعاهدة أصبحت بلا قيمة بالنسبة لإيران نظرًا لحجم أنشطتها النووية المخالفة على مدى سنوات الا ان انتهاكات إيران كانت تشكّل أساسًا قانونيًا للعقوبات الأممية التي فرضها مجلس الأمن، كما أن المعاهدة تُشكّل الإطار القانوني الذي يسمح للمجتمع الدولي بالمطالبة بشفافية البرنامج الإيراني وبتخلي طهران عن طموحاتها النووية العسكرية، لكن إيران تستطيع الانسحاب من هذه المعاهدة وربما تفعل وإن حصل ذلك فإن طهران ستكون قادرة على تقديم مبررات قوية لقرارها، وبدون “عدم الانتشار” لن يبقى أمام إيران سوى فتوى المرشد الأعلى علي خامنئي التي تحرّم تصنيع السلاح النووي كحاجز وحيد أمام إنتاج القنبلة.

لكن المخاطر الناجمة عن الضربات (الإسرائيلية) والأميركية لا تقتصر على الجانب السياسي والدبلوماسي، فإذا ما قررت إيران إعادة بناء برنامجها النووي فمن المرجّح أن تفعل ذلك ضمن منشآت أكثر تحصينًا، فقد دأبت طهران على اتخاذ خطوات احترازية بعد كل مرة اكتُشف فيها جزء من برنامجها النووي أو تعرّض لهجوم. على سبيل المثال نقلت ورش تصنيع مكونات أجهزة الطرد المركزي إلى باطن الأرض في عام 2021 بعد استهدافها بطائرات مسيّرة (وفق تقارير إعلامية من بينها “نيويورك تايمز” يُعتقد أن (إسرائيل) كانت وراء الهجوم وإن لم تؤكد تل أبيب مسؤوليتها)، وعندما شعرت إيران بأن مخزونها من اليورانيوم المخصب مهدّد قامت بتخزينه في أنفاق، وبالرغم من أن قنبلة “قنبلة الاختراق الشديد (MOP) ” (Massive Ordnance Penetrator) التابعة لسلاح الجو الأميركي قادرة على تدمير تحصينات عميقة فإن إيران تظلّ مستفيدة من إبقاء برنامجها تحت الأرض خصوصًا أن مخزون الولايات المتحدة من هذه القنابل قد يكون قد نضب جزئيًا بعد الهجوم على فوردو، وتشير تقارير من مصادر مفتوحة إلى أن طهران ربما تكون قد نقلت بعض المواد خارج فوردو قبيل الهجوم الأميركي. علاوة على ذلك إذا لم تتمكّن الضربات من تدمير كامل المواد والمعدات النووية فقد تتمكن إيران من استغلال عمليات التعافي وإعادة البناء لتحويل بعض المعدات والمواد – التي كانت سابقًا تحت مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية – وادّعاء أنها دُمّرت أثناء الهجوم، وهذا تطوّر ينبغي أن يثير قلق كل من يخشى إعادة إحياء المشروع النووي الإيراني.

وأخيرًا قد تكون الولايات المتحدة قد فقدت فرصة التعامل مع البرنامج النووي الإيراني بالوسائل الدبلوماسية، ربما لا تزال طهران منفتحة على التفاوض والدخول في اتفاق جديد لكنها على الأرجح لن تثق بجدية العملية، فقد كانت واشنطن في خضم مفاوضات لإحياء الاتفاق النووي عندما بدأت (إسرائيل) حليفتها ضرباتها العسكرية، بل إن المحللين لم يتوصلوا بعد إلى فهم واضح لبنود وقف إطلاق النار بين إيران و(إسرائيل) بما في ذلك ما الذي قد يشكّل خرقًا له، فقد تُعتبر عمليات التعافي الإيرانية – مثل إرسال جرافة لفتح أنفاق فوردو – انتهاكًا للاتفاق ما قد يدفع الولايات المتحدة أو (إسرائيل) إلى شنّ هجوم جديد وبالتالي إعادة إشعال النزاع.

وقد أشار الرئيس ترامب إلى أن ذلك لن يكون ضروريًا، مؤكدًا أن البرنامج النووي الإيراني “دُمّر بالكامل”، بحسب تعبيره غير أن الواقع على الأرجح لا يدعم هذا الادعاء.

استعدوا للاصطدام

لقد وجّهت الهجمات (الإسرائيلية)–الأميركية ضربة مؤثرة لطموحات إيران النووية على الأقل في المدى القريب، لكن من الواضح أن هذه الضربات لا تمثّل نهاية المطاف بل مجرد فصل في قصة مفتوحة، ونتيجة لذلك ينبغي لصنّاع القرار في واشنطن أن يستعدّوا لاحتمال أن تسعى إيران في أي لحظة إلى اندفاعة سريعة نحو إنتاج سلاح نووي.

إحدى السيناريوهات القريبة الاحتمال هي أن تقوم إيران بجمع ما تبقّى من مخزونها من اليورانيوم وتخصّبه إلى مستويات صالحة للاستخدام العسكري داخل منشأة محصّنة جديدة تقع في أنفاق تحت الأرض في أصفهان أو نطنز، وإذا كانت طهران تمتلك الحدّ الأدنى من المعدّات التشغيلية اللازمة لهذا الغرض – وهو ما لا يتطلّب الكثير – فبإمكانها إنتاج معدن اليورانيوم المستخدم في الأسلحة خلال وقت قصير جداً، وقد تعمد بعد ذلك إلى تشكيل هذا المعدن في مكونات صالحة لصناعة جهاز نووي بدائي، ثم يمكن أن يُدمج هذا الجهاز بمتفجرات شديدة لتشكيل قنبلة بدائية قد تكون على الأقل كافية لأغراض اختبارية. ومع سريان وقف إطلاق النار يمكن لإيران أن تنفّذ هذه الخطوات تدريجيًا وفي هدوء خاصة إذا لم تتكبّد أي ثمن سياسي أو عسكري مقابل جهودها في إعادة البناء، وقد تختار طهران التمهّل في تطوير القنبلة حتى تُتقن العملية بشكل كامل، وإذا بدا أن وقف إطلاق النار مهدد بالانهيار فقد تسرّع من وتيرة عملها وحتى لو قررت إيران عدم السعي لامتلاك سلاح نووي فورًا فمن شبه المؤكد أنها ستعيد بناء برنامجها في مواقع أكثر تحصينًا وبعيدًا عن أعين المفتشين الدوليين.

ولمواجهة هذه المخاطر سيعتمد كل من (إسرائيل) والولايات المتحدة بدرجة أكبر على قدراتهما الاستخباراتية لرصد ومتابعة أنشطة إيران النووية، وقد أثبتت الأجهزة الاستخباراتية في البلدين خصوصًا (الإسرائيلية) قدرتها على التوغّل عميقًا في البنية النووية الإيرانية، غير أن إيران في أعقاب هذا النزاع ستكثّف بدورها من إجراءاتها المضادة وسيرتفع مستوى التأهّب لدى أجهزتها الأمنية والاستخباراتية.

ورغم أن الخيار العسكري قد يكون قد بدا ضرورة حتمية للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني فإنه لم يكن يومًا خاليًا من التبعات والتعقيدات، وبعد اللجوء إلى القوة بات على الولايات المتحدة أن تلتزم التزامًا جادًا بتقويض أي محاولة إيرانية مستقبلية لامتلاك سلاح نووي بما يتناسب مع حجم المخاطر التي قبلت بخوضها،

إلا أن الرئيس دونالد ترامب قد يختار تجاهل أي تحذيرات بشأن احتمالات استئناف إيران لبرنامجها النووي العسكري، إذ ركّزت إدارته خلال الأيام الماضية على التقليل من شأن أي حديث يشير إلى أن البرنامج لم يُدمّر بالكامل وربما لا يرغب في الإقرار علنًا أو ضمنًا بأي تحذيرات تناقض هذا السرد. ومهما يكن ما سيحدث لاحقًا، فإن العالم يوشك أن يدخل مرحلة شديدة الخطورة والغموض فيما يتعلّق بمستقبل البرنامج النووي الإيراني.

* Richard Nephew, Did the Attacks on Iran Succeed? Israel and America Bought Themselves Time, but Will Pay in Other Ways, FOREIGN AFFAIRS, June 26, 2025.

**  لمقتضيات الأمانة العلمية، وضرورات الترجمة الدقيقة، تم الإبقاء على كلمة (إسرائيل)، وهو لا يعني اعتراف المركز بها، وما هو مكتوب يمثل راي وأفكار المؤلف.

Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?

Reload Reload document
| Open Open in new tab

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى