الاكثر قراءةتحليلات و آراءغير مصنف
الحوكمة وأثرها على التجارة الدولية

بقلم: الباحثة نبيلة عبد الفتاح قشطي
مراجعة: م.د. مها شكر محمود جامعة بغداد / كلية العلوم السياسية
يحظى موضوع الحوكمة وأثرها على التجارة الدولية بمكانة استراتيجية بالغة الأهمية ضمن حقل العلاقات الاقتصادية الدولية، خصوصًا في ظل التحديات البنيوية المتسارعة والأزمات التي تواجه الاقتصاد العالمي المعاصر. وتنطلق الباحثة من اعتبار الحوكمة أداة جوهرية لترسيخ استقرار الأسواق الدولية وتعزيز آليات التكامل الاقتصادي بين الدول.
تهدف هذه المراجعة إلى تقديم تحليل نقدي شامل للمقال، يركز على تقييم قيمته البحثية وإسهاماته النظرية في مجال العلاقات الاقتصادية الدولية. وتعتمد المراجعة على دراسة معمقة لبنية المقال، مع إبراز نقاط القوة التي تعزز من فعالية النتائج، وكذلك نقاط الضعف التي تتطلب تدخلًا تطويريًا لتقوية الاستنتاجات وزيادة قابليتها للتطبيق.
تشير المراجعة إلى أن المقال يبرز العلاقة بين الحوكمة الاقتصادية والتجارة الدولية، مع التأكيد على أن جودة الحوكمة – بما يشمل الشفافية، وسيادة القانون، وكفاءة المؤسسات – أصبحت شرطًا أساسيًا لتعزيز اندماج الدول في الاقتصاد العالمي. ويكتسب اختيار موضوع الحوكمة والتجارة الدولية في ظل الأزمات الراهنة، مثل جائحة كوفيد-19، والتوترات الجيوسياسية، والأزمات المالية، أهمية بحثية كبيرة، مما يعزز قيمة المقال في السياق الأكاديمي والعملي.
قدم المقال عرضًا متوازنًا للجوانب النظرية المرتبطة بالحوكمة، مع اعتماد إطار مفاهيمي واضح يوضح مكوناتها الأساسية، بما في ذلك الشفافية، مكافحة الفساد، وفعالية المؤسسات، وربطها بأثرها على التجارة الدولية. ومع ذلك، فإن افتقار المقال إلى التحليل الكمي حد من قدرته على بلورة نتائج أكثر رسوخًا وقابلة للتعميم على الواقع التطبيقي. وكان من الأجدر تدعيم الطرح البحثي ببيانات إحصائية أو نماذج قياس اقتصادية قادرة على الكشف بدقة عن طبيعة العلاقة بين مؤشرات الحوكمة ومستويات انسياب التجارة الدولية
إن إبراز تطبيق الحوكمة على الدول بشكل عام لم يمنح المقال المساحة الكافية لاستعراض التحديات الجوهرية التي تواجه الاقتصادات النامية، وهو عنصر أساسي يعكس الإشكالية الحقيقية لمسار اندماج هذه الدول في التجارة العالمية. كما أن المقال لم يولي الاهتمام الكافي بالفوارق السياقية بين الدول النامية والمتقدمة، مع العلم أن تحديات تفعيل الحوكمة تتباين بشكل جوهري بين الاقتصادات الصاعدة، التي تعاني من هشاشة مؤسساتية وضعف في آليات الرقابة والضبط، وبين الاقتصادات المتقدمة التي ترتكز على هياكل مؤسساتية راسخة وأطر تنظيمية مستقرة. إن إغفال هذا التمايز يقلل من شمولية التحليل ويضعف القدرة التفسيرية للمقال في تفسير الفوارق الواقعية لتطبيق مبادئ الحوكمة عبر بيئات اقتصادية متنوعة.
في المحصلة، يمثل مقال د. نبيلة عبد الفتاح إسهامًا علميًا بارزًا في دراسة العلاقة بين الحوكمة والتجارة الدولية، من خلال تقديم تحليل متوازن لمبادئ الحوكمة وتأثيرها على جودة بيئة الأعمال الدولية. ويتميز المقال بأهمية موضوعه، ووضوح الإطار المفاهيمي، وإسهامه في إثراء الأدبيات العربية في هذا المجال. ومع ذلك، يظل البحث بحاجة إلى تعزيز التحليل الكمي، وإدراج دراسات حالة تطبيقية، وإبراز التحديات الخاصة بالدول النامية مقارنة بالدول المتقدمة، وذلك لتقوية استنتاجاته وجعلها أكثر قابلية للتطبيق والتعميم.



