الاكثر قراءةتحليلات و آراءغير مصنف

قراءة في قرار تجميد أموال واصول حZب الله والحوثـ ـ يين في العراق – ج 1

الجزء الاول

بقلم: د. مصدق عادل

كلية القانون/ جامعة بغداد

 

 سبق وان أصدرت لجنة تجميد أموال الإرهــ ــــابــ يين القرار رقم (61) في 28 تشرين الأول 2025 المتضمن تجميد الأموال المنقولة وغير المنقولة والموارد الاقتصادية التابعة للأشخاص والكيانات وبضمنها حZب الله اللبناني والحوثـ ـ يين في العراق، ونشر هذا القرار في الجريدة الرسمية (جريدة الوقائع العراقية بالعدد 4848 في 17 تشرين الثاني 2025).

غير أنه سرعان ما طلب البنك المركزي العراقي في كتابه الموجه الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء/ قسم تجميد أموال الإرهــ ـــابــ يين بالعدد (م.م/1/204) في 4 كانون الأول 2025 حذف الفقرات (18) و(19) الواردة في القائمة لعدم حصول موافقة اللجنة على تجميد أموال تلك الكيانات والادعاء بنشرها سهواً ضمن الأوليات.

 

 

وبالنظر لوجود العديد من الإشكاليات القانونية بشأن قرار الادراج والتوجيه بعدم تنفيذها لذا سنتناول ذلك تباعاً كالاتي:

 

أولاً: تشكيل لجنة تجميد أموال الإرهــ ـــابــ يين ومهامها وطبيعة سلطاتها في القانون العراقي

نظم قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهــ ـــاب رقم (39) لسنة 2015 تشكيل لجنة تجميد أموال الإرهـ ــابــ يين ومهامها([1])، حيث تتألف اللجنة من (11) عضواً بضمنهم رئيس اللجنة الذي يشغل منصب نائب محافظ البنك المركزي، وعضوية كل من مدير عام مكتب مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهـ ـــاب، وممثلين عن الجهات لا يقل عن مدير عام (وزارة المالية- وزارة الداخلية- وزارة الخارجية- وزارة العدل- وزارة التجارة- وزارة الاتصالات- هيئة النزاهة- جهاز مكافحة الإرهــ ـــاب- جهاز المخابرات الوطني).

كما جاءت المادتان (15/اولاً) و (16) من القانون لتحدد مهام اللجنة وهي تجميد أموال الإرهـ ــابــ يين، واعمام أسماء الأشخاص والكيانات المجمدة أموالهم عند نشرها في الموقع الرسمي للجنة العقوبات في مجلس الامن الدولي، فضلاً عن تلقي الطلبات الواردة الى وزارة الخارجية من الدول الأجنبية بخصوص تجميد الأموال والأصول الأخرى لأشخاص مقيمين في العراق والتحقق من توافر المعايير الخاصة بالتجميد وتصدر قرارها بناء على ذلك.

وبهذا يتضح ان لجنة تجميد أموال الإرهـ ــابــ يين المشكلة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء تعتبر الجهة الحصرية الوحيدة الي تختص بأعمام أسماء الأشخاص والكيانات الإرهـ ــابية وتجميد أموالهم، كما تتولى اعدا قائمة محلية تدرج فيها أسماء الأشخاص، كما تختص حصرياً بنشر قوائم التجميد في الجريدة الرسمية وفقاً لأحكام المادة (18) من قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهــ ـــاب، سواء تم الادراج بالاستناد لقرار لجنة تجميد أموال الإرهابيين في قائمة عقوبات مجلس الامن الدولي، او تم الادراج بقرار من لجنة تجميد أموال الإرهــ ــابـــ يين بناء على اقتراح الادراج في قوائم الدول الأجنبية([2]).

فضلاً عن ذلك فان طبيعة سلطات عمل اللجنة تختلف الحالة محل الادراج، حيث لا تخرج عن الحالتين الاتيتين:

 

  1. السلطات التنفيذية المقيدة: حيث تقتصر مهام لجنة تجميد أموال الإرهــ ــابــ يين على تنفيذ القرارات الدولية بالتجميد بمجرد نشرها في الموقع الرسمي لجنة العقوبات في مجلس الامن الدولي، حيث ان دور اللجنة يقتصر على مجرد تنفيذ القرار الدولي دون ان تتمتع باي سلطة تقديرية في رفض التجميد او وقفه.

  2. السلطات التقريرية: تتمتع لجنة تجميد أموال الإرهــ ـــابــ يين بسلطة تقديرية واسعة في الموافقة على قرار تجميد الأموال والأصول في حالة ارسالها من الدول الاجنبية عبر الطريق الدبلوماسي الى العراق، وفي هذا الفرض فان للجنة اتخاذ القرار بالتجميد من عدمه في ضوء الأدلة المقدمة.

 

ثانياً: الالتزامات القانونية والمالية الناشئة عن قرار لجنة تجميد أموال الإرهــ ـــابـــ يين

ان نشر القرار الصادر من لجنة تجميد أموال الإرهــ ـــابــ يين في جريدة الوقائع العراقية يفرض التزامات قانونية على جميع المؤسسات المالية والاعمال والمهن غير المالية المحددة واي جهة أخرى بتجميد الأموال والأصول الأخرى الواردة بقرار التجميد الصادرة من اللجنة او المبلغة منها، فضلاً عن إبلاغ اللجنة فوراً بما يتوافر لديها من معلومات بهذا الشأن([3]).

ولقد أكد هذا الحكم نظام تجميد أموال الإرهــ ــابـــ يين رقم (6) لسنة 2023 الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم (23511) لسنة 2023، حيث اوجبت المادة (4) منه على الجهات المعنية بالتنفيذ وغيرها من الجهات ذات العلاقة في العراق تجميد الأموال والأصول التابعة للكيان في قائمة مجلس الامن دون تأخير من وقت الادراج، ومتابعة هذه القرارات والتحديثات في الموقع الالكتروني لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهــ ـــاب ومجلس الامن التابع للأمم المتحدة خلال العطلات الرسمية.

ولقد عرفت المادة (1/سابعاً) من النظام عبارة (دون تأخير) بانها: تجميد الأموال أو الأصول الأخرى خلال (24) أربعة وعشرين ساعة من صدور قرار الادراج من لجنة العقوبات التابعة لمجلس الامن أو لجنة تجميد أموال الإرهـ ـــابــ يين بحسب الأحوال.

فضلاً عن ذلك فقد فرض النظام على الجهات المعنية بالتنفيذ توجيه تقرير الى اللجنة خلال (48) ساعة من قيامها بتجميد الأموال او الأصول او أي إجراءات اخذت للالتزام بمتطلبات الحظر بموجب قرارات مجلس الامن.

 

مجلس الأمن الدولي

 

ثالثاً: مدى قانونية البيانات الصادرة بشأن الخطأ والسهو في ادراج حZب الله والحوثـ ـ يين في قوائم تجميد أموال الإرهـــ ــابــ يين

حدد نظام تجميد أموال الإرهـــ ـــابــ يين رقم (6) لسنة 2023 العديد من الإجراءات الواجب اتباعها، حيث تنص المادة (7) منه “ثامناً: تبت اللجنة في الطلب، وإذا استقر رأيها على ان الشخص يستوفي معايير الادراج في ضوء المعلومات المبينة في الطلب تكلف السكرتارية المنشاة بموجب المادة (2) من هذا النظام (بتولي الاشراف على عملية اعداد الملف وعرضه على اللجنة في غضون مهلة لا تتعدى (3) ثلاثة أيام عمل).

كما حددت المادة (8) من النظام الية التظلم وإلغاء الادراج في قائمة مجلس الامن، حيث يقدم الطلب الى اللجنة لتقوم بوظيفتها نيابة عن مجلس الامن في النظر في اقتراح رفع الاسم من القائمة عبر اخطار لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة وذلك بالتنسيق بينها ووزارة الخارجية، كما ان للجنة وبالتنسيق مع وزارة الخارجية ان تقدم الى لجنة العقوبات التابعة لمجلس الامن طلبات الإلغاء الادراج عند عدم توفر الأسباب المعقولة والاسس المنطقية التي قد أدرجت بناء عليها([4]).

وتأخذ اللجنة قرارها بشأن طلب التظلم خلال (30) يوماً من تاريخ تلقي الطلب، وبخلافه- أي في حالة انقضاء المدة دون البت في الطلب- يعد الطلب مرفوضاً، ويتوجب اخطار وابلاع طالب التظلم بقرار رفض التظلم خلال (15) يوماً من تاريخ صدور القرار.

وبناء على ما تقدم يتضح اتباع لجنة تجميد أموال الإرهـــ ـــابــ يين في العراق للإجراءات والاليات القانونية المحددة في قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهـــ ـــاب رقم (39) لسنة 2015 ونظام تجميد أموال الإرهــ ــابــ يين رقم (6) لسنة 2023، والتي تم التأكيد عليها في ديباجة قرار لجنة تجميد أموال الإرهــ ـــابــ يين رقم (61) لسنة 2025 الذي جاء فيه (بناء على ما عرضه مكتب مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهـــ ـــاب بموجب كتابه (سري) المرقم (7/1/ب د/س/933) في 19 مارس 2025، واستناداً الى احكام قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهـــ ـــاب (39 لسنة 2015)، واحكام المادة (10/ثالثاً) من نظام تجميد أموال الإرهـــ ـــابــ يين (6 لسنة 2023) ووفقاً للصلاحيات المخولة الى اللجنة).

 

ويمكن القول ان عبارة (وفقا ًللصلاحيات المخولة الى اللجنة) تنفي صدور الخطأ بشان ادراج حZب الله او الحوثـ ـ يين ضمن قوائم تجميد أموال الإرهــ ـــابـــ يين، وتأكد بالدليل اليقيني سبق عرض الموضوع على انظار اللجنة والتوصية باتخاذ القرار بالتجميد من قبل الأغلبية المحددة لاصدار القرارات.

 

وما يؤكد ذلك هو الإشارة في ديباجة القرار رقم (61) لسنة 2025 الى ان اللجنة اتخذت هذا القرار في الجلسة الاعتيادية الخامسة المنعقدة بتاريخ 12 تشرين الأول 2025، وهو الامر الذي ينفي صدور الخطأ او عدم قيام اللجنة بالتدقيق في القوائم قبل اصدار القرار، مما يمكن معه القول بعدم صحة ما ورد في بيان لجنة تجميد أموال الإرهـــ ـــابـــ يين الصادر يوم 17 تشرين الثاني 2025 بشان موافقة اللجنة على ادراج الكيانات والافراد المرتبطين بد1عش والقاعدة حصراً الذي جاء فيه (ان ادراج أسماء الكيانات الأخرى كان بسبب نشر القائمة قبل التنقيح، وسيتم تصحيح ما نشر في جريدة الوقائع العراقية برفع تلك الكيانات والأحزاب من قائمة الكيانات المرتبطة بتنظيمي د1عش والقاعدة الإرهـــ ـــابـــ يين).

يضاف لذلك ان كتاب التجميد الصادر ضد حZب الله والحوثـ ـ يين قد تم اعمامه الى المؤسسات المالية قبل اكثر من شهرين على صدور قرار لجنة تجميد أموال الإرهــــ ـــابــ يين وذلك بالاستناد لنصوص القانون ونظام تجميد أموال الإرهـــ ـــابــ يين التي توجب اشعار لجنة عقوبات مجلس الامن خلال (24) ساعة من ابلاغ القرار الصادر منها.

ولا يقتصر عدم صحة الإجراءات القانونية على البيان الصادر من لجنة تجميد أموال الإرهـــ ــابــ يين فقط، بل يتعداه الامر الى كتاب البنك المركزي العراقي بالعدد م.م/1/204 الصادر في 4 كانون الاول 2025 الموجه الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء/ قسم تجميد أموال الإرهـــ ـــابـــ يين الذي جاء فيه (يرجى حذف الفقرات (18و 19) الواردة في القائمة لعدم حصول موافقة اللجة على تجميد أموال تلك الكيانات والذي على ما يبدو نشر سهواً من قبلكم ضمن الأوليات. نرجو نشر بيان توضيحي عاجل جداً لتوضيح الموضوع أعلاه الى وسائل الاعلام لأهميته ولحين تعديل القرار ونشره في جريدة الوقائع العراقية).

وعلى الرغم من طلب البنك المركزي غير ان الأمانة العامة لمجلس الوزراء لم تصدر البيان التوضيحي العاجل الى وسائل الاعلام، مما اضطر مكتب رئيس مجلس الوزراء الى اصدار هذا البيان وتشكيل لجنة تحقيقية ضد المقصرين.

وبناء على ما تقدم نرى أن اسباب عدم قانونية بيان لجنة تجميد أموال الإرهـــ ـــابــ يين وكتاب البنك المركزي العراقي تتجلى في ان قانون مكافحة غسل الأموال رقم (39) لسنة 2015 ونظام تجميد أموال الإرهــ ـــابــ يين رقم (6) لسنة 2023 قد رسما إجراءات للتظلم رفع الادراج من خلال تظلم الكيان او الحزب من قرار لجنة تجميد أموال الإرهـــ ـــابــ يين الوارد بقرار لجنة عقوبات مجلس الامن خلال المدة القانونية المحددة، ومن ثم تتولى اللجنة اصدار القرار برفع الكيان من إجراءات التجميد واشعار مجلس الامن بذلك.

وبهذا يتضح ان كل من لجنة تجميد أموال الإرهــ ـــابــ يين في العراق او البنك المركزي العراقي لا تمتلك من تلقاء نفسها رفع قرار تجميد حZب الله اللبناني والحوثـ ـ يين في اليمن من تلقاء نفسها من خلال بيان تصحيح ينشر في جريدة الوقائع العراقية، لعدم أسباب أولها صراحة المواد القانونية المذكورة أعلاه التي حددت الية الغاء قرارات لجنة عقوبات مجلس الامن، فضلا ًعن ذلك فان صدور بيان التصحيح في جريدة الوقائع العراقية برفع اسم حZب الله اللبناني والحوثـ ـ يين من قوائم لجنة عقوبات مجلس الامن تستوجب اصدار قرار صريح من قبل الجهة المذكورة برفع الاسم بناء على قرار جديد تتخذه اللجنة العراقية بعدم صحة المعلومات، واشعار مجلس الامن بذلك.

ونرى ان رفع حZب الله اللبناني والحوثـ ـ يين من قوائم تجميد الأموال والأصول لا يكون بمجرد إعادة نشر قوائم التجميد المرسلة الى العراق من خلال قطع أو حذف الاسم من قوائم لجنة عقوبات مجلس الامن الدولي، وانما يتم بإصدار قرار بعدم توافر الأسباب والمعطيات الصحيحة بشأن قرار التجميد مع ارسال صورة من قرار رفع التجميد الى لجنة عقوبات مجلس الامن.

وفي الوقت نفسه فانه يتوجب فرض العقوبات الانضباطية ضد رئيس وأعضاء لجنة تجميد أموال الإرهــ ـــابـ يين عن اتخاذ القرارات المتعلقة بالتجميد وتنفيذها وتقديم معلومات غير صحيحة للراي العام بشأن عدم موافقة اللجنة خلافاً للواقع ولما ورد في ديباجة القرار رقم (61) لسنة 2025.

 

كما ندعو رئيس مجلس الوزراء الى إعادة تشكيل اللجنة مجدداً من اجل منع تكرار مثل هكذا قرارات مستقبلاً، وإزالة الاثار السلبية التي رافقت قرار تجميد حZب الله والحوثـ ـ يين، وهو ما سنبينه في الجزء الثاني من الدراسة.

 

 

([1])  نشر قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم (39) لسنة 2015 في الوقائع العراقية بالعدد 4387 في 16/11/2015.
([2])  ينظر المادتان (7) و(9) من نظام تجميد أموال الإرهـ ــابـ يين رقم (6) لسنة 2023.
([3])  ينظر المادة (19) من قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهـ ــاب رقم (39) لسنة 2015.
([4]) وتجدر الإشارة الى انه يجوز في الوقت نفسه للأشخاص الموجودين في العراق المدرجين على قائمة عقوبات مجلس الامن تقديم طلبات الرفع من القائمة بصورة مباشرة الى مكتب امين المظالم او الى مركز التنسيق.

 

قراءة في قرار تجميد الاموال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى