الاكثر قراءةتحليلات و آراءغير مصنف

ما الذي يخيف الغرب أكثر: المسيرات أم من يشغلها؟

بقلم: حنين محمد الوحيلي

باحثة في مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية

 

ما الذي يخيف الغرب فعلاً الطائرات المسيرة التي تهاجم أهدافاً بعيدة؟ أم العقل العسكري الذي أتقن توظيفها، وحولها من أدوات رخيصة إلى عنصر ثابت في بنية الحرب الحديثة؟

منذ اندلاع الحرب الروسية- الأوكرانية اعتقدت الكثير من العواصم الغربية أن تفوق أوكرانيا في استخدام المسيرات سيظل نقطة ضعف روسية مزمنة وأن موسكو ستبقى أسيرة بنيتها العسكرية الثقيلة التي يصعب عليها التكيف مع حرب مرنة وسريعة التطور. لكن ما حدث لاحقاً كان عكس ذلك تماماً فروسيا لم تغير عقيدتها العسكرية لكنها أعادت صياغة طريقة تنفيذها، وذهبت نحو بناء منظومة غير مأهولة واسعة النطاق تجمع بين التطوير التقني والتجريب الميداني والإنتاج الضخم.

هنا ظهر “مركز روبيكون لتقنيات الطائرات بدون طيار المتقدمة” بوصفه نقطة التحول الحقيقية. فهو ليس مجرد وحدة جديدة داخل وزارة الدفاع الروسية بل مختبر حرب يعمل على تحويل الابتكار إلى قدرة عملياتية والدرس الميداني إلى تكتيك دائم. ومع توسع دوره أعلنت موسكو إنشاء قيادة عسكرية مخصصة للأنظمة الجوية غير المأهولة في خطوة تشير إلى أن روسيا تنظر إلى المسيرات بوصفها جزءاً من مستقبل جيشها لا مجرد أداة طارئة فرضتها الحرب.

لكن هذه القصة ليست روسية بالكامل فما كان لروبيكون أن ينهض بهذه السرعة لولا الخبرة التقنية التي جاءت من خارج الحدود وتحديداً من إيران، التي انتقلت مسيراتها من الاستخدام الإقليمي المحدود إلى أن تصبح أحد مصادر القوة التي بنيت عليها روسيا قدراتها الجديدة هذه الشراكة خلقت شبكة معقدة من الأسئلة:

 

من المستفيد الأكبر؟ ما الذي كسبته إيران؟ ولماذا ترتفع حساسية الغرب كلما توسعت موسكو في برامجها غير المأهولة؟

 

ما يتكشف اليوم ليس مجرد سباق تسلح جديد بل تحول في طريقة فهم الحرب نفسها:

من يمتلك القدرة على إنتاج مسيرات كثيرة وكيف يديرها ومن يقود عملية الابتكار… هو من يملك اليد العليا.

هذه المقالة تحاول أن تشرح بهدوء وشفافية وتحليل موضوعي، لماذا تخاف أوروبا والغرب من “روبيكون” أكثر مما تخاف من المسيرات نفسها، وكيف تغيرت روسيا، وما الذي كسبته إيران،ولماذا أصبح هذا التحول أحد أهم ملامح الحرب الحديثة.

 

أولاً: روسيا

لم يكن دخول المسيرات الإيرانية إلى الحرب نتيجة تحالف سياسي فحسب بل كان استجابة مباشرة لحاجة روسية ظهرت سريعاً بعد الأسابيع الأولى من القتال. فقد اكتشفت موسكو أن أدواتها التقليدية غير كافية لمواجهة تكتيكات أوكرانيا المبنية على الحركة السريعة، والاستطلاع الفوري والضربات الدقيقة منخفضة الكلفة.

 

  1. ما هي “شاهد” أصلاً… ولماذا احتاجتها روسيا؟

“شاهد-136” السلاح الذي غير المشهد هي مسيرة انتحارية إيرانية تتميز بـمدى طويل (مئات الكيلومترات) وتكلفة منخفضة جداً مقارنة بالصواريخ الروسية وسهولة الإنتاج بكميات كبيرة وآلية توجيه بسيطة نسبياً لكنها فعالة وقدرة على إرهاق الدفاعات الجوية عبر هجمات متعددة ومتزامنة.

كانت وظيفتها الأساسية في (الشرق الأوسط) هي الضربات الموجهة منخفضة الكلفة وليس القيام بأدوار استطلاعية أو تكتيكية معقدة. لكن روسيا رأت فيها ما تحتاجه فوراً سلاح رخيص يستطيع الوصول للعمق الأوكراني ويستنزف الدفاعات دون استنزاف مخزون صواريخها الباهظة. لذلك في أواخر 2022 بدأت عمليات التسليم الأولى من إيران إلى روسيا.

 

 

شاهد 136 (بالفارسية: شاهد ۱۳۶) طائرة دون طيار
شاهد 136 (بالفارسية: شاهد ۱۳۶) طائرة دون طيار

 

  1. أين بدأت روسيا ومتى بدأت التطوير؟

مع نهاية 2022 وبداية 2023 لاحظت موسكو أن الاعتماد على الواردات الإيرانية سيخلق لها مشكلتين خطيرتين:

  • السرعة: الكمية: التي تحتاجها روسيا أكبر بكثير مما يمكن لإيران توفيره مباشرة.

  • التحكم التقني: النموذج الإيراني جيد لكنه غير مخصص لحرب عالية الكثافة مثل أوكرانيا.

 

لذلك بدأت روسيا مشروعاً متكاملاً يقوم على ثلاث خطوات:

 

  • الخطوة 1: نقل النموذج الإيراني كما هو (أواخر 2022 – أوائل 2023)

جربت موسكو المسيرة الإيرانية بصورتها الأصلية فكانت مناسبة للضربات البعيدة لكنها مكشوفة تقنياً وبحاجة إلى تعديلات.

 

  • الخطوة 2: التصنيع داخل روسيا (منتصف 2023 – أوائل 2024)

أسست موسكو مصنعاً ضخماً في منطقة تتارستان (ألابوغا) بهدف إنتاج آلاف النسخ الروسية من شاهد. أطلقت عليها اسم “غيران-2”. هنا حدث التغيير الأول في معادلة الحرب فروسيا لم تعد تنتظر توريد السلاح بل أصبح لديها خط إنتاج يومي.

 

  • الخطوة 3: التطوير الروسي الفعلي (عام 2024–2025)

لم تكتف موسكو بالنسخ المطابقة بل أدخلت تعديلات جوهرية، تغيير هيكل المسيرة لجعلها أقل بصمة رادارية، دمج نظام ملاحة روسي قائم على “غلوناس” لإزالة الاعتماد على أجزاء أجنبية، تحسين الرأس الحربي وتنوع أحجامه، زيادة السرعة في بعض النماذج، تطوير نسخ خداعية تطلق قبل الهجوم الرئيسي لإرباك الدفاعات، إدخال وحدات حرب إلكترونية بسيطة لمقاومة التشويش، وتطوير برنامج تحكم يسمح بتسيير مجموعات (سرب مسيرات) وليس مسيرة منفردة.

هذه المرحلة هي التي غيرت قواعد الحرب فعلياً، لأنها حولت المسيرة من سلاح مستورد إلى مشروع عسكري صناعي روسي.

 

  1. كيف غير هذا المشروع ميزان الحرب؟

بين 2024 و2025 بدأت نتائج التطوير الروسي تظهر بوضوح فأصبحت الدفاعات الأوكرانية تعمل تحت ضغط مستمر، روسيا صارت قادرة على تنفيذ عشرات الضربات المتزامنة في الليلة الواحدة كما ان التكلفة الروسية أصبحت رخيصة مقارنة بكلفة الصواريخ الغربية المضادة وزادت قدرة موسكو على ضرب عمق أوكرانيا دون استنزاف مخزونها الاستراتيجي.

ظهر لأول مرة سلاح استنزاف روسي فعال في الحرب الحديثة، أصبحت المسيرات عنصراً دائماً في التخطيط وليس رد فعل مؤقت، وبهذا انتقلت روسيا من مستخدم للتكنولوجيا إلى منتج ومطور لها، وهو ما فتح الطريق لاحقاً لظهور مؤسسة مثل روبيكون.

 

 

«مُسيّرات التنين» الحارقة تدخل الحرب الروسية – الأوكرانية

 

ثانياً: أوكرانيا والغرب

لم يكن التحول الروسي في مجال المسيرات نابعاً من الرغبة أو المبادرة الذاتية فقط بل جاء نتيجة ضغط مزدوج تولد من تكتيكات أوكرانيا من جهة والدعم الغربي الواسع لها من جهة أخرى. هذا الضغط خلق بيئة قتالية جديدة لا يمكن لأي جيش مهما كان حجمه أن يتجاهلها.

 

  1. أوكرانيا

منذ الأسابيع الأولى للحرب، استخدمت أوكرانيا المسيرات بمرونة لافتة، مسيرات تجارية معدلة للاستطلاع، مسيرات FPV منخفضة الكلفة تستهدف الدروع بدقة، مسيرات انتحارية تضرب مواقع القيادة والمخازن، مسيرات بعيدة المدى تستهدف موسكو والبنية التحتية الروسية، هذه الأدوات الصغيرة والمتنقلة خلقت مشكلتين لروسيا:

 

  • تهديد مباشر للوحدات الروسية في الميدان.

الدبابات، العربات، وحدات المدفعية… كلها أصبحت مكشوفة أمام ضربات تكلف مئات الدولارات فقط.

 

  • خسارة عنصر التفوق الناري التقليدي.

فكثرة ضربات المسيرات الأوكرانية حرمت روسيا من حرية الحركة الواسعة التي تعتمد عليها في عملياتها عادة.

روسيا أدركت أن حرب اليوم ليست حرب من يمتلك أكبر مدفع بل حرب من يمتلك أسرع ابتكار.

 

  1. الغرب

الغرب لم يزود أوكرانيا بالسلاح فقط بل قدم ما هو أخطر، أنظمة دفاع جوي حديثة (NASAMS، IRIS-T، باتريوت) وقدرات تشويش إلكتروني متقدمة ومعلومات استخباراتية لحظية عبر الأقمار الصناعية وتدريب نوعي على تشغيل المسيرات وضد المسيرات.

وهذا جعل البيئة القتالية أمام روسيا بيئة شديدة التعقيد. في ظل هذه الظروف لم تعد المسيرات الإيرانية بصيغتها الأصلية تكفي وحدها. كان لزاماً على موسكو أن تنتج كميات أكبر وتطور نموذجاً أكثر قدرة على اختراق الدفاعات وتدمج المسيرات في عملياتها بدل استخدامها كأداة منفصلة. وهذا ما أدى عملياً إلى نشوء احتياج روسي إلى بنية مؤسسية وليس إلى مجرد خط إنتاج.

نقطة التحول بين 2023 و2024 أصبح واضحاً أن أوكرانيا تعتمد على الإمداد الغربي والغرب يستخدم أوكرانيا كمنصة لاختبار قدراته الدفاعية، والمسيرات أصبحت جزءاً من منظومة القتال اليومية كل طلقة وكل ضربة وكل تحرك يتحول إلى سباق بين التطوير والمضاد للتطوير.

هنا اتضح للقيادة الروسية أن الهزيمة لا تأتي من خسارة أرض بل من خسارة القدرة على مجاراة الإيقاع التكنولوجي

وهذا ما قاد إلى قرار استراتيجي بان روسيا تحتاج إلى مؤسسة تشرف على تطوير واستخدام المسيرات بسرعة، وتحول التجربة الميدانية إلى تكتيك ثابت.

بهذا المعنى لم تكن “روبيكون” مشروعاً تجميلياً بل جاءت كرد مباشر على التحول الذي فرضته: أوكرانيا بتكتيكاتها الجديدة، والغرب بمنظومته الدفاعية المتقدمة. الاثنان معاً خلقا معركة تتغير كل أسبوع الأمر الذي لم يكن ممكناً التعامل معه بالتنظيم العسكري الروسي التقليدي.

 

ثالثاً: إيران

عندما زودت إيران روسيا بمسيرات شاهد، لم يكن ذلك خطوة ميكانيكية في ساحة حرب بعيدة بل كان جزءاً من حسابات سياسية وتكنولوجية دقيقة. فإيران تعرف أن روسيا ستطور هذه المسيرات وستحولها إلى نموذج أقوى مما تملكه هي نفسها. ومع ذلك اختارت طهران أن تفتح هذا الباب، وهذا ليس قراراً مجانياً ولا قراراً بسيطاً. فما الذي كسبته إيران فعلياً؟

 

  1. كسبت اعترافاً دولياً بقوتها التقنية… لأول مرة بمنظور عالمي، فقبل أوكرانيا كانت المسيرات الإيرانية تناقش في سياق إقليمي محدود: اليمن، العراق، سوريا، الخليج. لكن دخول “شاهد” إلى حرب كبرى ضد دولة مدعومة من الغرب ثم تحولها إلى أحد أهم الأسلحة المؤثرة غير صورتها جذرياً:

  • أصبحت إيران دولة مصدرة لتكنولوجيا مؤثرة في حرب أوروبية.

  • ارتفع تقدير القوى الكبرى لقدراتها الصناعية حتى الخصوم أنفسهم.

  • تحولت المسيرات الإيرانية من ملف استخباري إلى موضوع في أدبيات الأمن الدولي.

بالنسبة لإيران هذا مكسب كبير “شرعنة تكنولوجية” لم تكن تملكها سابقاً.

 

  1. دخلت إلى قلب الصناعات العسكرية الروسية فالشراكة في المسيرات لم تكن بيعاً وشراءً فقط. لقد خلقت إيران نافذة داخل واحدة من أكبر المجمعات الصناعية العسكرية في العالم من خلال:

  • نقل النموذج الإيراني إلى مصانع ألابوغا.

  • التعاون على خطوط الإنتاج.

  • اختبار تعديلات روسية على نموذج إيراني.

  • اندماج جزئي في سلسلة التطوير الروسية.

 

هذه ليست مجرد صفقة بل شراكة صناعية منحت إيران:

  • خبرة في تصنيع كمي لمئات بل آلاف المسيرات.

  • إمكانية تحسين منظوماتها الخاصة عبر الدروس الروسية.

  • فرصة لفهم قدرات الذكاء الاصطناعي الروسي والحرب الإلكترونية.

  • مكاناً في شبكة إنتاج لا تستطيع واشنطن وأوروبا إيقافها بسهولة.

هذا النوع من الانفتاح لم تحصل عليه إيران من أي دولة كبرى منذ عقود.

 

  1. كسرت إيران واحداً من أصعب أنواع العزلة: العزلة التكنولوجية

العقوبات الغربية حاولت دائماً حرمان إيران من التكنولوجيا العسكرية المتقدمة. لكن عبر الشراكة مع روسيا دولة تمتلك خبرة بالتصنيع الضخم ومنظومات ملاحة متقدمة وقدرات بحثية عسكرية راسخة وصولاً إلى سلاسل توريد غير خاضعة بالكامل للغرب. استطاعت إيران أن تتجاوز كثيراً من القيود بل يمكن القول إن موسكو قدمت لطهران مختبراً موازياً لاختبار ما لم يكن يمكن اختباره في (الشرق الأوسط).

  1. كسبت إيران تأثيراً سياسياً في أهم ساحة أوروبية منذ الحرب الباردة

الأهم من المكاسب التقنية هو المكسب السياسي إيران أصبحت عبر المسيرات جزءاً من معادلة أوروبية، لأول مرة بطريقة مباشرة لا عبر وكلاء أو حروب غير متكافئة. هذا مكنها من:

 

  • امتلاك ورقة ضغط إضافية في مواجهة الغرب.

  • تعزيز موقعها في التفاوض النووي.

  • تحسين موقعها في علاقاتها مع روسيا وشرق آسيا.

  • الظهور كفاعل تكنولوجي وليس كأزمة أمنية فقط.

وهذا التحول هو ما يقلق الغرب إيران لم تعد مشكلة إقليمية بحتة بل أصبحت فاعلاً في معادلة الأمن الأوروبي.

ولكن إيران لم تكسب بدون ثمن فرغم المكاسب هناك جانب لا يقال كثيراً لان روسيا الآن تمتلك نسخة مطورة من سلاح إيراني، وربما تتفوق في بعض نسخه على الأصل وقد تستخدم هذه الخبرة في أماكن لا ترغب إيران أن تنافس فيها.

بمعنى آخر إيران منحت قوة لكنها في الوقت نفسه فقدت احتكارها لها. وهذا هو التناقض الذي يجعل الملف مثيراً للبحث مكاسب واضحة… وثمن غير معلن.

تكشف تجربة المسيرات في الحرب الروسية- الأوكرانية أن جوهر التحول العسكري المعاصر لم يعد مرتبطاً بضخامة السلاح بل بقدرة الدولة على استيعاب التكنولوجيا وتطويعها بسرعة في بيئة قتالية متغيرة. روسيا لم تغير عقيدتها لكنها غيرت أدوات تنفيذها، وبنت من خلال “روبيكون” وآلية التصنيع المشترك نموذجاً قادراً على تحويل الدرس الميداني إلى قدرة مستدامة. وفي المقابل دخلت إيران إلى مستوى جديد من الحضور الدولي بعدما انتقلت تقنيتها من ساحات (الشرق الأوسط) إلى ساحة أوروبية مفتوحة على رقابة الغرب وحساسيته.

 

الطرفان استفادا بطرق مختلفة:

روسيا كسبت وقتاً وقدرة ومرونة داخل معركة استنزاف طويلة، وإيران كسبت مكانة وتقديراً تكنولوجياً لا يمنحه الخصوم عادة إلا لمن أثبت تأثيره. وبينهما وجد الغرب نفسه أمام معادلة أكثر تعقيداً، خصم يمتلك مخزوناً ضخماً من المسيرات وآخر يوفر له الخبرة التي تسمح بتطويرها.

في النهاية ليست المسيرة هي محور القلق بقدر ما هي المؤسسة التي تستطيع تحويلها إلى جزء من بنية الحرب. وفي هذا السياق يصبح فهم “روبيكون”، وتطور النموذج الإيراني داخل المنظومة الروسية ضرورة تحليلية لفهم شكل الصراعات المقبلة، وحدود التأثير المتبادل بين القوى العسكرية الكبرى. هذه التحولات لا تنبئ بتغيير في موازين القوة فحسب بل بإعادة رسم لطريقة خوض الحرب ذاتها، حرب تدار بالأدوات الصغيرة لكن بنتائج كبيرة.

 

Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?

Reload Reload document
| Open Open in new tab

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى