الاكثر قراءةدراساتغير مصنف

دور الإدارة العامة في تعزيز الحوكمة الرشيدة ورفع كفاءة المؤسسات الحكومية في ظل التنوع السياسي في العراق 

دراسات


بقلم:  الباحث محمد طارق مجبل

 

تمثل الإدارة العامة العمود الفقري لأي نظام حكم يسعى إلى تحقيق الحوكمة الرشيدة، خاصة في دول مثل العراق التي تعاني من التنوع السياسي وتعقيدات بيئة العمل الحكومي. وأظهرت الدراسة أن الإدارة العامة تتحمل مسؤولية كبيرة في مواجهة هذه التحديات من خلال تحسين الأداء ورفع كفاءة المؤسسات الحكومية. كما أن تطبيق مبادئ الحكم الرشيد مثل الشفافية والمساءلة لا يقتصر على الجانب الإداري فقط، وإنما يمتد ليشمل تفعيل دور الجهات الاجتماعية والسياسية الفاعلة لضمان مشاركة حقيقية وشاملة. لذا، فإن تعزيز التعاون بين مختلف القطاعات وأصحاب المصلحة يمثل نقطة انطلاق نحو بناء مؤسسات قوية وقادرة على تحقيق التنمية المستدامة.

 

توطئة

في ظل التطورات السياسية والاجتماعية المتسارعة التي يشهدها العراق، تبرز الحاجة الماسة لتعزيز الحوكمة الرشيدة كآلية رئيسية لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين. تعد الحوكمة الرشيدة إطاراً متكاملاً يهدف إلى وضع قواعد واضحة وشفافة لإدارة المؤسسات الحكومية، تضمن تحقيق الكفاءة، والشفافية، والمساءلة، والعدالة في توزيع الموارد والفرص، وهو ما يتطلب إدارة عامة متمكنة وفعالة قادرة على مواجهة التحديات التي يفرضها التنوع السياسي والاجتماعي.

وفي العراق، الذي يشهد تنوعاً سياسياً وإقليمياً واسع النطاق، يصبح دور الإدارة العامة أكثر أهمية وتعقيداً، إذ يقع على عاتقها مسؤولية التنسيق بين مختلف الأطراف الفاعلة، والعمل على تحقيق الاستقرار الإداري وتعزيز الأداء المؤسسي. الإدارة العامة في هذا السياق ليست مجرد جهة تنفيذية، بل هي المحرك الأساسي الذي يضع السياسات ويشرف على تطبيقها بما يتوافق مع مبادئ الحوكمة الرشيدة، كما تلعب دوراً محورياً في رفع كفاءة المؤسسات الحكومية من خلال تحسين أساليب العمل وترشيد استخدام الموارد وتطوير الكوادر البشرية.

تتطلب بيئة العمل في العراق مواجهة العديد من التحديات مثل الانقسامات السياسية، وضعف البنية التحتية الإدارية، والتداخل بين السلطات، ما يؤثر سلباً على جودة الأداء الحكومي وقدرة المؤسسات على تحقيق أهدافها. لذا، فإن تعزيز الإدارة العامة وتطويرها بما يتماشى مع متطلبات الحوكمة الرشيدة يعتبر خطوة حاسمة نحو بناء مؤسسات قوية وفعالّة قادرة على تلبية تطلعات المواطنين وتحقيق التنمية الشاملة. ومن خلال هذه الدراسة، سنسلط الضوء على الدور الحيوي للإدارة العامة في دعم الحوكمة الرشيدة ورفع كفاءة المؤسسات الحكومية في العراق، مع التركيز على أهمية التخطيط الاستراتيجي، والشفافية، والمساءلة، والمرونة في مواجهة التنوع السياسي، لتكون بذلك الإدارة العامة حجر الزاوية في تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة في البلاد.

 

أهمية الدراسة:

تلعب الدراسة دورًا حيويًا في توضيح كيفية مساهمة الإدارة العامة في تعزيز الحكم الرشيد، والذي يعد أمرًا أساسيًا لتحقيق التنمية المستدامة والاستقرار السياسي في أي دولة. فمع التغيرات المتسارعة في السياسات السياسية، يصبح من الضروري فهم الآليات الإدارية التي تحافظ على فعالية المؤسسات الحكومية وقدرتها على تحقيق الأهداف المرجوة رغم الظروف المتغيرة. تساعد هذه الدراسة في تقديم رؤى ملموسة لدعم عمليات اتخاذ القرار وتحسين الأداء الإداري في القطاع العام.

 

هدف الدراسة:

  1. دراسة دور الإدارة العامة في تعزيز مبادئ الحكم الرشيد.

  2. تحليل دور الإدارة العامة في تعزيز الحوكمة الرشيدة في المؤسسات الحكومية العراقية.

  3. معرفة خصائص الادارة العامة دورها في دعم الحكم الرشيد.

 

إشكالية الدراسة:

تكمن اشكالية الدراسة  في  محاولة تفسير ومعرفة دور الإدارة العامة في تعزيز الحكم الرشيد في ظل التنوع السياسي في العراق تتجسد في التحدي المتمثل في كيفية تمكين الإدارة العامة من تطبيق مبادئ الحكم الرشيد بفعالية وسط بيئة سياسية معقدة ومتنوعة، تعاني من انقسامات وصراعات طائفية ومناكفات حزبية، تؤثر على استقرار المؤسسات وكفاءتها.  ومن هنا تثار عدة تساؤلات حول الدراسة أهمها: ماذا يعني الحكم الرشيد؟ ومما هو دور الادارة العامة في تعزيز معايير الحكم الرشيد؟  وما هي العقبات التي تحول دون تحقيق الحوكمة الرشيدة، سواء كانت سياسية، مؤسسية، أو إدارية؟ وكيف يمكن للإدارة العامة تطوير قدراتها وتنظيماتها لتجاوز هذه العقبات وتعزيز الشفافية والمساءلة وتفعيل المشاركة المجتمعية، بما يضمن استدامة التنمية وتحقيق مصالح المجتمع العراقي بأكمله.

 

فرضية الدراسة

تقوم الدراسة على فرضية مفادها” أن الإدارة العامة التي تعتمد على مبادئ الحكم الرشيد مثل الشفافية والمساءلة والمشاركة، قادرة على تعزيز الحوكمة الرشيدة في العراق، حتى في ظل التنوع السياسي المعقد والانقسامات الطائفية، وذلك من خلال تطوير قدراتها التنظيمية والمهارية، وتبني استراتيجيات إدارية مرنة تهدف إلى تجاوز العقبات السياسية والمؤسساتية، مما يساهم في تحقيق استدامة التنمية وتحسين كفاءة المؤسسات الحكومية.”

 

منهجية الدراسة

 استنادا لطبيعة الموضوع ومتطلبات الدراسة فقد تم استخدام المنهج الوصفي التحليلي لدراسة الأطر النظرية والميدانية المتعلقة بدور الإدارة العامة والحكم الرشيد، والمنهج التحليلي، كما سيتم جمع البيانات من مصادر مكتبية ووثائق رسمية.

 

هيكلية الدراسة:

تم تقسيم الدراسة إلى مقدمة ومبحثين بالإضافة إلى خاتمة تتضمن أهم النتائج والتوصيات.

سيتناول المبحث الاول: دور الإدارة العامة في تعزيز الحكم الرشيد في العراق

اما المبحث الثاني:  فسأخذ بعنوان” التحديات الراهنة التي تواجه الإدارة العامة في العراق وأثرها على تحقيق الحوكمة الرشيدة”.

 

المبحث الاول

دور الإدارة العامة في تعزيز الحكم الرشيد في العراق

منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921، واجه العراق حالة من التدهور والتخبُّط السياسي المستمر، مع استثناء بعض الفترات الراكدة. فقد عانى العراق من عدم وضوح الهوية السياسية وتأسيس دولة مؤسسات قوية ومستقرة. كما شهد تقلبات اقتصادية متكررة، حيث تذبذب بين تبني الفكر الاشتراكي والرأسمالي والإسلامي، مما حال دون بناء رؤية اقتصادية متكاملة تتناسب مع خصائص وإمكانيات البلد. وبعد أكثر من 83 عامًا من هذا التذبذب، أُتيحت فرصة لإعادة بناء الدولة العراقية سياسيًا واقتصاديًا على أسس الحكم الرشيد، لا سيما بعد تشكيل الحكومة العراقية المنتخبة الأولى عام 2005. إلا أن هذه الفرصة لم تُستغل أو تُعالج بطريقة علمية ومنهجية، حيث استمر الاقتصاد في التسييس وأصبح خاضعًا للمصالح الحزبية والمناكفات السياسية. ومن أخطر نتائج ذلك اعتماد الاقتصاد بشكل كامل على الموارد النفطية التي تديرها الحكومة، بالرغم من وجود موارد اقتصادية وبشرية هائلة في العراق. ونتيجة لذلك، ابتعد العراق أكثر عن ترسيخ قواعد الحكم الرشيد في إدارة الدولة، مما أدى إلى ربط كافة الخطط التنموية بالإيرادات النفطية فقط، وهو ما جعل مستقبل الاقتصاد العراقي في حالة من الضبابية وعدم الاستقرار. لذلك تكمن أهمية هذه  الدراسة في تحديد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى ابتعاد الإدارة العامة في العراق عن تطبيق مبادئ الحكم الرشيد، واستعراض المعوقات التي تحول دون تطبيق هذه المبادئ في المستقبل، مع تقديم حلول عملية وواقعية تساهم في حوكمة الإدارة العامة وتحسين أدائها في العراق([1]).

 

المطلب الاول : ما هية الحكم الرشيد واهدافه وابعاده

الفرع الاول: مفهوم الحكم الرشيد واهدافه

مفهوم الحكم الرشيد

تباينت الآراء والتوجهات بشأن تعريف مفهوم الحكم الرشيد تبعًا لاختلاف الخلفيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية. غالبًا ما يُرتبط هذا المفهوم بالخطابات السياسية المتعلقة بالتنمية الشاملة، خاصة في ظل تأثير عوامل متعددة مثل العولمة والدور المتزايد للفواعل الجدد مثل الشركات متعددة الجنسيات والمنظمات الدولية العابرة للقوميات. وبرز مفهوم الحكم الرشيد كرد فعل على تفشي الفساد في مختلف القطاعات داخل الدولة الواحدة، مما دفع إلى الحاجة الملحة لتبني آليات جديدة تعزز الشفافية والمساءلة وتحسن أداء المؤسسات([2]).

الحكم الرشيد (Good Governance) هو عملية صنع القرار والآليات التي يتم من خلالها تنفيذ هذه القرارات. ويتركز هذا المفهوم على الجهات الرسمية وغير الرسمية المشاركة في صنع القرار وتنفيذه. تختلف الجهات الفاعلة المشاركة في الحكم حسب المستوى الذي يتم النظر إليه؛ فعلى سبيل المثال، في المناطق الريفية قد تشمل هذه الجهات فاعلين محليين مثل قادة الأرض، جمعيات الفلاحين، التعاونيات، المنظمات غير الحكومية، معاهد البحوث، الزعماء الدينيين، المؤسسات المالية والأحزاب السياسية. أما في الإدارة الحضرية وعلى المستوى الوطني، فبالإضافة إلى تلك الجهات، تلعب وسائل الإعلام، جماعات الضغط، الجهات المانحة الدولية، والشركات متعددة الجنسيات دورًا هامًا في صنع القرار أو التأثير على عملية صنعه. يشمل الحكم الرشيد بذلك تنسيق وتفاعل هذه الجهات المختلفة لضمان اتخاذ وتنفيذ قرارات تعكس مصالح المجتمع بكفاءة وعدالة([3]).

ويحصر الاستاذ ماريين( Marrien) مفهوم الحکم الرشید بأنه” اشكالية فعالية ونجاعة التدخل العمومي والانتقال من المركزية الى اللامركزية، ومن الدولة المتدخلة الى دولة الضبط ومن تسيير المرفق العام الى التسيير على أساس مبادئ السوق وحتى من السلطة العمومية الاحتكارية الى الشراكة مع الفاعليين العموميين والخواص([4]).

كما يعرف البنك العالمي الحكم الرشيد بأنه” عملية اصلاح اداري يمس الادارة والاختيارات السياسية، كما يعني من وجهة نظر نفس المؤسسة تطوير التنسيق، وتوفير مرفق عام فعال([5]).

وايضا يعرف الحكم الرشيد هو”ممارسة السلطة الاقتصادية والسياسية والإدارية لإدارة شؤون الدولة على جميع المستويات، ويتضمن الآليات والعمليات والمؤسسات التي من خلالها يعبر المواطنون والمجتمع عن آرائهم ويشاركون في اتخاذ القرار”. هذا التعريف جاء وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي([6]).

 كما ان مفهوم الحوكمة شامل يغطي جميع أبعاد الحكم في أي دولة، بما في ذلك السياسات الاقتصادية والإطار التنظيمي والالتزام بسيادة القانون. في ظل ضعف الحوكمة، يزداد الفساد الذي يقلل من ثقة المواطنين في الحكومة ويهدد نزاهة السوق ويشوّه المنافسة، مما يعرض التنمية الاقتصادية للخطر. لذلك، تسعى الدول التي تمر بأزمات إلى تبني سياسات حكم رشيد تضمن مسارًا مستقرًا للتنمية والإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. تعزز سياسات الحوكمة مبادئ الإنصاف، المشاركة، الشفافية، المساءلة، وسيادة القانون، مع التركيز على الفعالية والكفاءة. وتتميز الدول ذات الحوكمة الجيدة بانتخابات حرة ونزيهة، ومجالس تشريعية تمثل الشعب، وسلطة قضائية مستقلة تطبق القانون بنزاهة([7]).

 ظهرت الحوكمة نتيجة لتراكم عدة عوامل ومبررات ساهمت في بروز هذا المفهوم، منها([8]):

  1. العامل الاقتصادي: الأزمات المالية العالمية التي أدت إلى فقدان الثقة في المؤسسات والتشريعات المنظمة للأعمال والعلاقات بين المؤسسات والحكومات.

  2. العامل السياسي والاجتماعي: نشوء الديمقراطيات الجديدة، وتزايد الفجوة بين الحكومة والمواطنين، بالإضافة إلى تقيد الحكومة بالعمليات الإدارية، مما دفع إلى التفكير بضرورة تمثيل المواطنين وتمكينهم من إيصال آرائهم في صياغة السياسات التنموية والقوانين.

  3. الشفافية والمساءلة: التركيز على تطوير آليات حوكمة تضمن ممارسات أكثر شفافية ومستوى أعلى من المساءلة.

  4. التشريعات والقوانين الخاصة بالحوكمة: سن القوانين التي تحمي حقوق المواطنين، وتوفر الأُطُر القانونية لتعزيز شفافية أداء المسؤولين الحكوميين، وتحديد مسؤولياتهم بشكل واضح.

 وعليه تضافرت هذه العوامل لتؤكد أهمية الحوكمة كمفهوم أساسي في بناء وتعزيز المؤسسات الحكومية والقطاعات المختلفة، وتسهم في تطوير ممارسات الإدارة وتحسين عمليات اتخاذ القرار. يمكن القول إن مفهوم الحكم الرشيد ليس جديدًا، بل جاء ليضيف بعدًا عقلانيًا يحقق أهداف الحكم من خلال توفير بيئة مناسبة لتنمية الإنسان والمجتمع. بدأ استخدام هذا المفهوم في المؤسسات المالية الدولية ثم توسع ليشمل الاهتمام السياسي والتنمية الشاملة، لا سيما مع تحولات العولمة وظهور فواعل دولية متعددة مثل المنظمات والشركات متعددة الجنسيات. وبرز الحكم الرشيد كرد فعل على تفشي الفساد في العديد من الدول، ليصبح آلية لتحسين إدارة المؤسسات العامة. منذ الثمانينيات، تبنته المؤسسات المالية الدولية كنموذج لإدارة عمومية ناجحة يقوم على الشفافية، الكفاءة، وتقليل دور الدولة الحمائية، مع التركيز على تسيير فعال للمؤسسات وخصوصية بعض الخدمات لصالح المستفيدين.

اهداف الحوكمة الرشيدة ( الصالحة)

الهدف الأساسي من الحكم الرشيد يتمثل في تنظيم العلاقة بين جميع القطاعات العامة والخاصة، بهدف الحد من الفساد في مؤسسات الدولة بشكل عام. ويمكن تلخيص أبرز أهداف الحكم الرشيد فيما يلي([9]):

  1. إدارة الموارد المتاحة بأفضل الطرق الممكنة.

  2. تعزيز مستوى الشفافية في التعاملات داخل مؤسسات الدولة، سواء في القطاعين العام أو الخاص.

  3. ترسيخ النظام الديمقراطي وضمان تطبيقه بشكل صحيح، مع توفير فرص مشاركة أوسع لأكبر عدد ممكن من الأفراد.

  4. ضمان العدالة في توزيع السلطات والمسؤوليات، والعمل على تعزيز فعالية التواصل بين مختلف الأطراف.

البعد الإداري للحكم الرشيد ودوره في تعزيز فعالية الإدارة العامة والتخطيط الاستراتيجي

 يرتبط البعد الإداري بالحركة التشغيلية للإدارة الحكومية العامة وكفاءة وفاعلية موظفيها. فترشيد الإدارة العامة وضمان استمراريتها بمستوى عالٍ من الكفاءة والفعالية يعتمد بشكل أساسي على الاهتمام بالجهاز الإداري والأنظمة والقوانين المعمول بها، وكذلك التحكم الدقيق في سير العمليات الإدارية للتأكد من مدى ملاءمتها وقدرتها على تحقيق أهدافها. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن تحقيق الجودة الشاملة ومرونة اتخاذ القرار الصحيح بشكل كامل إلا من خلال الإبداع والاهتمام المستمر بتطوير العاملين وإعدادهم مهنياً، وهذا يتطلب إدارة عامة شاملة ومرنة قادرة على التكيف والتطور([10]).

لذا، يتعين على الإدارة العامة في العراق أن تضطلع بدور محوري في تعزيز الحكم الرشيد من خلال رفع كفاءة وفعالية الأداء الحكومي. ولتحقيق ذلك، يجب عليها تبني خطط استراتيجية واضحة تستند إلى تقييم دقيق للموارد والاحتياجات الوطنية، مع التركيز على الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة لتحقيق أفضل النتائج. كما من الضروري تعزيز آليات الشفافية والمساءلة لمواجهة تحديات الفساد وتحسين سير العمليات الإدارية. بالإضافة إلى ذلك، تتطلب الإدارة العامة في العراق تطوير مهارات وكفاءات موظفيها وتأهيلهم بشكل مهني، مع توفير بيئة عمل محفزة تسهم في تحسين الأداء الإداري. كذلك، ينبغي أن تكون الإدارة مرنة وقادرة على التكيف مع التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها العراق، مع ضمان استمرارية تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين. من خلال هذه الإجراءات، يستطيع البعد الإداري في الحكم الرشيد أن يوفر إطاراً فعالاً يدعم التنمية المستدامة ويعزز مشاركة المجتمع في صنع القرار داخل البلاد.

الفرع الثاني: دور الادارة العامة في تعزيز معايير الحكم الرشيد

تستلزم الإدارة الرشيدة للمؤسسات مجموعة من المعايير الأساسية التي تساعدها على تحقيق أهدافها بفعالية. وعلى الرغم من اختلاف هذه المعايير باختلاف الجهات والمصالح، إلا أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قد ركز على تحديد أبرز هذه المعايير، ومن أهمها([11]):

  1. المشاركة (Participation)

المشاركة هي الركيزة الأساسية للحكم الرشيد، حيث تعبر عن حق المواطنين في التعبير عن آرائهم والمساهمة في صنع القرار الذي يؤثر على حياتهم. وتتمثل المشاركة إما بشكل مباشر من خلال حضور الأفراد واتخاذ القرارات بشكل مباشر، أو عبر مؤسسات شرعية وسيطة مثل المجالس المحلية، الأحزاب السياسية، ومنظمات المجتمع المدني([12]).

 يمكن القول ان الادارة العامة تلعب ا دورًا حاسمًا في تعزيز مبدأ المشاركة من خلال خلق بيئة تفاعلية تحفز على مشاركة فعّالة ومسؤولة من مختلف قطاعات المجتمع. فهي تعمل على توفير الآليات التي تضمن الشفافية في تبادل المعلومات وتسهيل الوصول إليها، مما يعزز ثقة المواطنين ويدفعهم للمساهمة في صنع السياسات العامة. كما تسعى الإدارة العامة إلى توسيع قاعدة المشاركة عبر إشراك الفئات المهمشة والممثلين الشرعيين، مما يضمن تمثيلًا عادلاً ومتوازنًا يعكس التنوع الاجتماعي والسياسي. علاوة على ذلك، تدعم الإدارة الحكومية المشاركة من خلال تنظيم حوارات مجتمعية، استبيانات، واستشارات عامة تساعد في تحديد احتياجات المواطنين وتوجيه السياسات بما يتوافق معها. هذا النهج يعزز الديمقراطية الحقة ويضمن أن تكون السياسات والاستجابات الحكومية مستندة إلى إرادة واحتياجات المجتمع، وليس مجرد استجابة لضغوط خارجية من الجهات المانحة أو المؤثرة.

بالتالي، تساهم الإدارة العامة في تعزيز الحكم الرشيد عن طريق تشجيع المشاركة الواسعة والشاملة للمجتمع، مما يضمن أن تكون السياسات أكثر شرعية وفعالية، ويعزز من استقرار النظام السياسي والاجتماعي.

  1. الشفافية (Transparency)

تقوم الإدارة العامة بوضع الأطر والسياسات التي توجه عمل المؤسسات الحكومية، بما يضمن وضوح الأهداف وتحديد المسؤوليات والإجراءات بفعالية. هذا التنظيم يساعد على توحيد الجهود وتحقيق الكفاءة في الأداء، كما يسهل من عملية الرقابة والمتابعة لضمان التزام الجهات بالخطط والسياسات.

  1. المساءلة (Accountability)

تضع الإدارة العامة آليات للمساءلة الداخلية والخارجية مثل الرقابة المستقلة والتقارير الدورية، ما يضمن تحميل جميع العاملين في المؤسسات الحكومية المسؤولية عن أعمالهم وقراراتهم. بذلك، تساهم في تحقيق العدالة والإنصاف وضمان التزام الجميع بالقوانين واللوائح.

  1. سيادة القانون (Rule of Law)

يخضع الجميع—سواء كانوا حكاماً أو مسؤولين أو مواطنين—لأحكام القانون بلا استثناء، ويجب أن تُطبق القوانين بشكل عادل وغير تمييزي بين أفراد المجتمع. كما يجب أن تتوافق هذه القوانين مع معايير حقوق الإنسان وحرياته العامة، وأن تضمن حماية الحريات الطبيعية للأفراد. من الضروري أن تتسم الأنظمة القانونية بالعدالة، وأن تُنفذ بشفافية ووضوح، خاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان، مع ضمان مستوى عالٍ من الأمن والسلامة العامة([13]).

تلعب الإدارة العامة دورًا محوريًا في تعزيز هذا المبدأ من خلال ضمان تطبيق القانون بفعالية ونزاهة، وتطوير الأنظمة والسياسات التي تضمن الشفافية والمساءلة. كما تعمل على دعم مؤسسات القضاء والرقابة لضمان تنفيذ القوانين بصورة عادلة تحفظ الحقوق وتعزز الاستقرار في المجتمع، مما يسهم في تحقيق الحكم الرشيد.

  1. المساواة والاندماج الاجتماعي (Equality)

المساواة تعني المعاملة العادلة وغير المتحيزة لجميع الأفراد، إلى جانب التوزيع العادل لثمار التنمية ونتائجها. وتهدف إلى ضمان حق جميع النساء والرجال في الحصول على فرص متساوية للارتقاء الاجتماعي وتحسين أوضاعهم المعيشية([14]).

وبهذا الجانب تؤدي الإدارة العامة دورًا مهمًا في تعزيز المساواة والاندماج الاجتماعي من خلال وضع سياسات وإجراءات تضمن تكافؤ الفرص، ومكافحة التمييز، وتوفير بيئة شاملة تدعم مشاركة جميع الفئات الاجتماعية بشكل متساوٍ داخل المجتمع والمؤسسات الحكومية.

  1. الكفاءة وحسن الاستجابة (Responsiveness & Efficiency)

الكفاءة والفاعلية في إدارة المؤسسات العامة ومؤسسات المجتمع المدني تعني القدرة على تحقيق التقدم والازدهار بشكل مستمر، مع التركيز الدائم على تعزيز مفهوم التنمية والتنمية المستدامة. وتتجلى هذه الكفاءة في الالتزام بتوظيف الموارد الوطنية بشكل سليم وشفاف يضمن استفادة جميع أفراد المجتمع([15]).

 طبقا لذلك تؤدي الإدارة العامة دورا اساسي في تعزيز الكفاءة والفاعلية يتمثل في وضع نظم منظمة لتحسين الأداء، وتبني أساليب حديثة في الإدارة تمكن من الاستجابة السريعة والفعالة لاحتياجات المجتمع. كما تعمل الإدارة على تطوير آليات تتابع تنفيذ السياسات وتحليل النتائج بهدف تحسين جودة الخدمات الحكومية، وضمان الاستخدام الأمثل للموارد، مما يعزز ثقة المواطنين ويسهم في تحقيق الحكم الرشيد والتنمية المستدامة.

  1. الرؤية الاستراتيجية (Strategic Vision)

الرؤية الاستراتيجية هي رؤية تستند إلى المعطيات الثقافية والاجتماعية، وتهدف إلى تحسين إدارة شؤون الأفراد وتنمية المجتمع والقدرات البشرية. وتعني امتلاك القادة والأفراد تصوراً واسعاً وشاملاً للحكم الرشيد والتنمية الإنسانية ومتطلباتها. وتقوم الإدارة العامة بتفعيل هذا المبدأ من خلال وضع خطط وسياسات طويلة الأجل تتمحور حول تحقيق التنمية المستدامة، وتوجيه الموارد بفعالية، وضمان التنسيق بين مختلف القطاعات لتحقيق الأهداف الوطنية بكفاءة وفاعلية([16]).

  1. اللامركزي (Decentralization)

اللامركزية تلعب دورًا مهمًا في تعزيز الحكم الرشيد والإدارة العامة من خلال توسيع صلاحيات السلطات المحلية وتفويضها باتخاذ القرارات بما يخدم مصالح المجتمعات المحلية بشكل مباشر. هذا التمكين يسمح بتحسين فاعلية الخدمات الحكومية، وزيادة مشاركة المواطنين في صنع القرار، وتعزيز الشفافية والمساءلة على المستويات المحلية.

 

 

المخطط من اعداد الباحث: يوضح دور الادارة العامة في تعزيز معايير الحكم الرشيد

يمكن القول إن مبادئ الحكم الرشيد تشكل مدخلات أساسية تترجمها الإدارة العامة إلى ممارسات وسياسات فاعلة تسهم في تحسين جودة الأداء الحكومي. فالإدارة العامة تعمل على تحقيق الشفافية والمساءلة من خلال وضع آليات رقابة ومحاسبة تضمن التزام المسؤولين بالقوانين، إضافة إلى تعزيز المشاركة المجتمعية لتشجيع المواطن على المساهمة في صنع القرار، مما يعزز الشرعية الديمقراطية. كما تركز الإدارة على تحقيق المساواة والاندماج الاجتماعي عبر توفير فرص عادلة للجميع، وتحسين الكفاءة وحسن الاستجابة من خلال تقديم خدمات عالية الجودة تلبي احتياجات المواطنين بسرعة وفعالية. وباعتماد رؤية استراتيجية طويلة الأمد، تعمل الإدارة على توجيه السياسات والموارد نحو التنمية المستدامة، فيما تسهم اللامركزية في تفويض السلطات لزيادة فعالية الإدارة المحلية وتقريب الخدمات من الناس. أخيرًا، تضمن سيادة القانون تطبيق العدالة وحماية الحقوق، مما يعزز الاستقرار والثقة في النظام الإداري. هذه المخرجات المشتركة تنعكس في تعزيز الحكم الرشيد الذي يعد ركناً أساسياً لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين حياة الأفراد داخل المجتمع. الإدارة العامة هي الجسر الذي يربط هذه المبادئ النظرية بالتطبيق العملي الفعّال، مستفيدة من مواردها وقدراتها التنظيمية للتحكم في العمليات وتحقيق الأهداف المرجوة.

 

المطلب الثاني:  خصائص الادارة العامة ودورها في دعم الحوكمة

الفرع الاول- خصائص الإدارة العامة الجديدة (New Public Management – NPM)

بدأ  الاهتمام بمفهوم الإدارة العامة الجديدة في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، حيث جمعت بين المبادئ النظرية والجهود الوصفية لرصد تطور المؤسسات  وبحسب هود (1991)، رغم أن بعض الباحثين يركزون على جوانب مختلفة من عقيدة الإدارة العامة الجديدة، يمكن تلخيص أهم خصائصها في سبعة نقاط رئيسية، وهي([17]):

  1. تطبيق الإدارة المهنية داخل القطاع العام لضمان فعالية وكفاءة أعلى.

  2. وضع معايير واضحة لقياس أداء الجهات الحكومية وتقييمها.

  3. التركيز بشكل أكبر على النتائج والمخرجات بدلاً من مجرد العمليات والإجراءات.

  4. تقسيم العمل داخل المؤسسات الحكومية إلى وحدات متخصصة لتحسين التنظيم والإدارة.

  5. تشجيع التنافسية داخل القطاع العام لرفع جودة الخدمات وتحسين الأداء.

  6. تبني أساليب الإدارة المتبعة في القطاع الخاص وتطبيقها في القطاع العام لتحقيق مرونة أكبر.

  7. التأكيد على الانضباط المالي والإداري، وتحقيق وفورات أكبر في الموارد المستخدمة.

بالاضافة الى ذلك، هناك سبعة مبادئ أساسية للإدارة العامة الجديدة (New Public (Management، وهي)[18](:

  1. توظيف الإدارة المهنية داخل القطاع العام.

  2. استخدام مؤشرات الأداء لقياس وتقييم العمل.

  3. التركيز بشكل أكبر على السيطرة على المخرجات والنتائج.

  4. التوجيه والانتباه إلى تقسيم العمل إلى وحدات أصغر لتحسين الفعالية.

  5. تعزيز المنافسة وتحقيق مستويات أعلى منها داخل القطاع العام.

  6. تبني أساليب الإدارة المتبعة في القطاع الخاص لتطبيقها في القطاع العام.

  7. التأكيد على الانضباط الإداري وتحقيق وفورات أكبر في استخدام الموارد

يمكن القول إن خصائص الإدارة العامة الجديدة ومبادئها المتكاملة تمثل إطارًا شاملاً يسهم بشكل فعّال في تحسين أداء القطاع العام وتعزيز الحوكمة الرشيدة. بدا الاهتمام بمفهوم الإدارة العامة الجديدة في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، حيث حاولت هذه الإدارة الجمع بين المبادئ النظرية والجهود التطبيقية لرصد وتطوير المؤسسات الحكومية في سياقات متغيرة. تتجلى أهمية هذه الخصائص والمبادئ في تركيزها على تطوير الإدارة المهنية وجودة الأداء من خلال وضع معايير دقيقة لقياس الأداء وتحقيق النتائج المرجوة، بدلاً من الاقتصار على العمليات والإجراءات التقليدية. كما تعزز تقسيم العمل إلى وحدات متخصصة، مما يساهم في تحسين التنظيم والمرونة الإدارية.

من جهة أخرى، تشجع الإدارة العامة الجديدة على المنافسة داخل القطاع العام وتبني ممارسات الإدارة المتبعة في القطاع الخاص، بهدف زيادة الكفاءة والفعالية. بالإضافة إلى ذلك، تحرص هذه الإدارة على الانضباط المالي والإداري، وتحقيق وفورات في استخدام الموارد، وهو ما يعزز من الشفافية والمسؤولية، وهما من دعائم الحوكمة الرشيدة.

بالتالي، فإن خصائص ومبادئ الإدارة العامة الجديدة تمثل خطوة مهمة نحو بناء مؤسسات حكومية أكثر كفاءة ومرونة، قادرة على الاستجابة للتحديات المعاصرة وتحقيق تطلعات المجتمع في بيئة تتسم بالتنوع السياسي والاجتماعي. وهذا يرسخ دور الإدارة العامة ليس فقط كجهة تنفيذية، وإنما كشريك فاعل في تطوير الحوكمة وتحسين جودة الحياة للمواطنين.

الفرع الثاني- الفاعلون الاساسيون واليات ارساء الحوكمة

يتكون الحكم الرشيد من ثلاثة عناصر تتفاعل مع بعضها البعض لتحقيق الهدف الرئيسي وهو تعزيز وترشيد الحكم الرشيد، وهذه هي العناصر([19]):

اولا- الدولة: هي العنصر الأساسي من خلال مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، حيث تضع السياسات والقوانين وتراقب تنفيذها، مع ضمان المشاركة الشعبية واحترام حقوق الإنسان، مما يحقق التوازن بين المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ثانيا-القطاع الخاص: يلعب دورًا حيويًا في التنمية الاقتصادية عبر توفير فرص العمل، رأس المال، الخبرات، والشفافية، مما يسهم في تقليل البطالة والفقر ويعزز استقرار الحكم الرشيد.

 ثالثا- المجتمع المدني: يضم المنظمات غير الحكومية وجميع المواطنين الذين يشاركون في الحياة السياسية والاجتماعية، ويعمل على تحفيز التفاعل والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

المخطط من اعداد الباحث: يوضح علاقة الادارة العامة بعناصر الحكم الرشيد

 

يشكل تفاعل كل من الدولة، القطاع الخاص، والمجتمع المدني مع الإدارة العامة عمودًا فقريًا لتعزيز الحوكمة الرشيدة وتحقيق التنمية المستدامة. تقوم الدولة بوضع الأطر القانونية والسياسات التي تنظم عمل المؤسسات وتضمن سيادة القانون والشفافية، مما يمنح الإدارة العامة الوسائل اللازمة لتنفيذ هذه السياسات بفعالية. من جانبها، يسهم القطاع الخاص في دعم الاقتصاد من خلال توفير الموارد وفرص العمل، ويشكل شريكًا مهمًا في تحقيق الأهداف التنموية عبر التعاون المستمر مع الجهات الحكومية، مع التأكيد على الالتزام بالمعايير والقوانين التي ترفع من مستوى الشفافية والمساءلة. أما المجتمع المدني، فيمثل صوت المواطنين ومظلتهم في المشاركة السياسية والاجتماعية، حيث يعزز الرقابة المجتمعية ويشجع على المشاركة الفعالة في صنع القرار، مما يخلق بيئة من الثقة بين الإدارة العامة والمجتمع ويزيد من الشرعية والفعالية في أداء المؤسسات الحكومية. بهذا التكامل والتناغم بين هذه الأطراف، تتشكل منظومة حوكمة رشيدة وفعالة قادرة على مواجهة التحديات وتحقيق تطلعات المجتمع نحو مستقبل مستدام.

 

المبحث الثاني

التحديات الراهنة التي تواجه الإدارة العامة في العراق وأثرها على تحقيق الحوكمة الرشيدة

تواجه الإدارة العامة في العراق تحديات متعددة، أبرزها التحديات السياسية التي تتمثل في الانقسامات الطائفية والصراعات بين المكونات السياسية، مما يؤثر على استقرار المؤسسات الحكومية وفعالية عملها. إلى جانب ذلك، تعاني المؤسسات من تحديات مؤسساتية مثل ضعف البنية الإدارية، البيروقراطية المعقدة، نقص الكفاءات، وانتشار الفساد، ما يعوق تنفيذ السياسات وتحقيق مبادئ الحوكمة الرشيدة.

 

المطلب الاول: التحيات السياسية والمؤسساتية

الفرع الاول: التحديات السياسية

تشهد الإدارة العامة في العراق تحديات سياسية معقدة تؤثر بشكل مباشر على قدرتها في تحقيق الحوكمة الرشيدة. فالتوترات السياسية المستمرة والانقسامات الطائفية تضعف من استقرار المؤسسات وتعرقل جهود الإصلاح والتطوير الإداري.

  1. عدم الاستقرار السياسي:

بادئ ذي بدء، لا بد من التأكيد على أن الاستقرار السياسي يشكل الركيزة الأساسية لتحقيق الاستقرار الإداري والاقتصادي.  من الناحية السياسية أحدث الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003  وإسقاط نظام  صدام حسين  الدكتاتوري يتحولًا جذريًا في واقع البلاد لم يشهده العراقيون من قبل. فقد أدى هذا الحدث إلى تفكك سلطة الدولة المركزية، وظهور أحزاب طائفية وتجمعات سياسية متصارعة، ركزت على تعزيز الولاءات الضيقة والانتماءات الطائفية والفئوية، مما دفع العراق إلى صراعات داخلية بين مكوناته المختلفة. هذا النظام أدى في النهاية إلى انتشار الفساد وضعف إدارة الدولة كأساس لهذا الانهيار. كما ساهم الفراغ الأمني والسياسات غير المدروسة التي تبعتها الإدارة الأمريكية بعد الغزو في تصاعد العنف الطائفي بشكل كبير. رغم أن الإدارة الأمريكية بررت غزوها للعراق بهدف تحريره من الديكتاتورية ونشر الديمقراطية، إلا أن واقع وجودها تميز بممارسات أدت إلى إسقاط النظام وترك مؤسسات الدولة للفوضى والنهب، ما أدى إلى فقدان هيبة الدولة([20]).

يمكن القول إن الحكومات العراقية المتعاقبة، رغم جهودها المستمرة لتطوير وتعزيز مكانة العراق داخليًا وخارجيًا وبدء سلسلة من الإصلاحات الإدارية، ما زالت تواجه تحديات كبيرة تتعلق بعدم الاستقرار السياسي. هذا الواقع يؤثر بشكل مباشر على فعالية إدارة المؤسسات الحكومية ويحد من قدرتها على تحقيق الأداء المأمول، مما يستوجب تكثيف الجهود والتدابير اللازمة لتحقيق الاستقرار السياسي وتعزيز كفاءة الإدارة العامة.

  1. المحاصصة السياسية

يعد من أبرز الأسباب التي أعاقت بناء مؤسسات حكومية فعالة ومستقرة. رغم أن نظام المحاصصة الطائفية أُدخل بهدف ضمان تمثيل جميع المكونات الطائفية والإثنية في البلاد، إلا أنه ساهم في تعزيز الانقسامات الداخلية وصبغ العلاقات السياسية بطابع طائفي ضيق، مما أدى إلى تعيين أشخاص في المناصب بناءً على الولاء الطائفي وليس الكفاءة المهنية. هذا الأمر أثر سلبًا على جودة الأداء الإداري، إذ أدى إلى تفشي الفساد والمحسوبية، وضعف الرقابة والمساءلة داخل المؤسسات الحكومية. كما أدت المحاصصة إلى تعطيل العملية الديمقراطية بسبب النزاعات والتأخيرات في اتخاذ القرارات السياسية، بالإضافة إلى تراجع ثقة المواطنين بالدولة ومؤسساتها بسبب شعورهم بالتمييز وعدم العدالة([21]).

لذلك، فإن المحاصصة الطائفية تمثل عقبة كبيرة أمام تحقيق الحوكمة الرشيدة في العراق، وتحتاج إلى إصلاحات جوهرية ترتكز على تعزيز الكفاءة، الوحدة الوطنية، والشفافية لضمان استقرار الدولة وتنميتها المستدامة.

  1. الفساد الاداري

يشكل أحد أبرز العوائق التي تعرقل فعالية الإدارة العامة، حيث يؤدي إلى تقويض مبادئ الشفافية والمساءلة التي تعتبر جوهر الحوكمة الرشيدة. في العراق، انتشر الفساد بصورة واسعة نتيجة عوامل متعددة منها ضعف الرقابة، غياب الشفافية، انتشار المحسوبية، واستغلال المنصب العام لتحقيق مكاسب شخصية. هذا الانتشار للفساد أدى إلى إضعاف أداء المؤسسات الحكومية وتقليل كفاءتها في تقديم الخدمات للمواطنين، كما زاد من ضعف الاستقرار السياسي والاقتصادي، وأضعف الثقة بين المواطنين والدولة. الفساد ينتج عنه أيضاً هدر كبير في الموارد العامة، وانخفاض جودة البنية التحتية والخدمات العامة، مما يمنع تحقيق التنمية المستدامة ويعرقل جهود تحسين الأداء الحكومي. بالإضافة إلى ذلك، يشجع الفساد على انتشار الظواهر السلبية مثل البطالة، الفقر، وعدم المساواة.

بهذا  الجانب، تعبّر ظاهرة الفساد في العراق عن عدة سلوكيات سلبية متجذرة، من أبرزها([22]):

  1. الرشوة: تعني الحصول على أموال أو منافع مقابل تنفيذ أعمال تخالف أصول المهنة والقوانين.

  2. المحسوبية: تتمثل في تقديم خدمات أو امتيازات لأفراد أو جهات معينة مثل الحزب أو العائلة أو المنطقة، دون أن يكونوا مستحقين لذلك.

  3. المحاباة: وهي تفضيل جهة على أخرى في تقديم الخدمات أو المناصب بغير حق، بهدف تحقيق مصالح خاصة.

  4. الواسطة: تشير إلى التدخل لصالح أفراد أو جماعات معينة دون الالتزام بالكفاءة وأسس العمل، مثل تعيين شخص في منصب بسبب القرابة أو الانتماء الحزبي رغم عدم كفاءته، وهذه الظاهرة واسعة الانتشار في العراق.

  5. الابتزاز: هو الحصول على أموال أو منافع مقابل تنفيذ مصالح مرتبطة بوظيفة معينة، من قبل أشخاص متصفين بالفساد.

  6. نهب المال العام: يتعلق بالإسراف والتبديد في استخدام الأموال العامة، ويتجلى في صور عديدة مثل الإنفاق المفرط على المباني والأثاث، وإنفاق المال العام على الأمور الشخصية، إقامة الحفلات والمناسبات باهظة التكاليف، الإنفاق الزائد على الدعاية والإعلان في الصحف وقنوات التلفاز، وغيرها.

  7. إضاعة الوقت واللامبالاة: يظهر ذلك في تقاعس الموظفين وتهاونهم في أداء واجباتهم.

  8. التراخي: يتجسد في الكسل، والرغبة في الحصول على أعلى أجر مقابل أقل جهد، وتنفيذ الحد الأدنى من العمل فقط.

  9. عدم احترام العمل: يتضمن التأخر في الحضور، الانصراف المبكر، التلهي بقراءة الصحف أو استقبال الزوار أثناء العمل، والتنقل غير المبرر بين المكاتب.تلك السلوكيات تشكل عائقًا كبيرًا أمام تطور العلوم الاقتصادية والإدارية في العراق، وتعيق جهود بناء مؤسسات فعالة وقادرة على تقديم خدمات ذات جودة عالية للمواطنين.

الفرع الثاني: التحديات المؤسسية

تواجه الإدارة العامة العديد من التحديات المؤسساتية التي تعيق تطبيق وتعزيز الحكم الرشيد، ومن أبرز هذه التحديات ما يلي([23]):

أولاً: الحاجة إلى التخطيط الحكيم لاستثمار الموارد المختلفة بما يشمل الموارد البشرية والمادية والاجتماعية والطبيعية، وذلك لتحقيق التنمية الرشيدة التي تلبي الاحتياجات الوطنية.

ثانياً: ضرورة إقامة هيكلية إصلاحية فعالة للحكم الاقتصادي تعتمد على مبادئ الحكم الرشيد، بهدف تعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة في ظل التحديات التي تواجه البلد.

ثالثاً: الحاجة إلى إعادة تعريف دور الدولة العراقية وتنظيم علاقاتها الداخلية مع مؤسسات القطاع الخاص، فضلاً عن ضبط العلاقات الخارجية مع الدول والمنظمات الدولية، لتحقيق توافق واستقرار سياسي واقتصادي ضروريين.

رابعاً: ضرورة تحقيق تنظيم شامل وفعّال للقطاع العام، مع ضمان تطبيق آليات دقيقة للرقابة المالية والمساءلة، ومتابعة تقييم مستمر للقرارات والإجراءات ضمن إطار التنمية المستدامة، بالإضافة إلى تعزيز التواصل مع وسائل الإعلام لرفع مستوى الشفافية.

خامساً: بناء نظم إدارية قادرة على استيعاب الأفكار الإبداعية وتنفيذها، مع توفير فرص متساوية للمشاركة بين جميع العاملين، وتهيئة بيئة جاذبة للاستثمار والمبادرات التنموية، إلى جانب حماية حقوق الملكية ودعم حرية ممارسة الأعمال. تتطلب مواجهة هذه التحديات جهوداً متواصلة لتطوير الإدارة العامة العراقية وتعزيز قدرتها المؤسسية، بما يساهم في بناء حكم رشيد يحقق التنمية والاستقرار للمجتمع العراقي.

 

المطلب الثاني
آليات الإصلاح الإداري والحلول المقترحة

 

  1. إصلاح التشريعات والنظم القانونية

تعتبر مراجعة وتحديث القوانين والسياسات التي تنظم عمل الجهاز الإداري خطوة أساسية في عملية الإصلاح الإداري. إذ يجب أن تتماشى هذه التشريعات مع مبادئ الحكم الرشيد لتعزيز مبدأ الشفافية والمساءلة. كما يلزم تطوير منظومة تشريعية جديدة للخدمة المدنية تضمن اختيار الكوادر بالكفاءة وتحقيق العدالة في المعاملة، فضلاً عن تنظيم العمل الإداري بشكل يحد من الفساد ويضمن التزام العاملين بالقوانين واللوائح.

  1. التحول نحو اللامركزية الإدارية

يُعد تفويض السلطات الإدارية إلى المستويات المحلية والمحافظات من الخطوات الهامة لتحسين كفاءة الأداء وزيادة سرعة اتخاذ القرار. فالتقليل من المركزية يساهم في منح الوحدات الإدارية حرية أكبر للتعامل مع قضاياها الخاصة، مما يعزز قدرة المؤسسات على الاستجابة لاحتياجات المجتمع بشكل مباشر ويقلل من العوائق البيروقراطية.

  1. التنظيم الإداري وإعادة هيكلة الهياكل الحكومية

تتطلب عملية الإصلاح إعادة تصميم الهياكل الإدارية وتعريف الصلاحيات والمسؤوليات بوضوح لتفادي التداخل والتكرار في الأعمال. ويشمل ذلك وضع هياكل تنظيمية مرنة تتناسب مع طبيعة كل جهة حكومية، مما يسهم في تحسين التنسيق الداخلي بين الإدارات، وتسريع الأداء، وتقليل البيروقراطية التي تعيق سير العمل وتؤثر على جودة الخدمات.

  1. اختيار وتدريب الكوادر الإدارية

يعد اختيار الكوادر الإدارية على أسس مؤهلة وكفوءة من أهم عوامل نجاح الإصلاح الإداري. لذلك، من الضروري وضع معايير موضوعية لاختيار الموظفين، فضلاً عن تنفيذ برامج تدريب مستمرة لتطوير مهاراتهم وقدراتهم الإدارية. يعزز هذا الاستثمار في العنصر البشري من قدرة المؤسسات على مواجهة التحديات المعقدة والتكيف مع المتغيرات البيئية والسياسية.

  1. تعزيز نظم الرقابة والمساءلة

لا يمكن تحقيق إصلاح إداري ناجح دون وجود نظم رقابة ومساءلة فعالة. ينبغي تطبيق آليات رقابة داخلية وخارجية مستقلة تضمن شفافية الأداء وتتبع مدى التزام الموظفين والمعنيين بالسياسات والإجراءات. كما يجب أن تتضمن العملية وضع تقارير دورية تقييمية تساعد في الكشف عن مكامن الضعف وتقديم الحلول المناسبة، مما يرسخ ثقة المواطنين في المؤسسات الحكومية.

  1. استخدام التكنولوجيا وتحول الإدارة الرقمية

يمثل تبني التكنولوجيا الحديثة والتحول نحو الإدارة الرقمية أحد أبرز محاور الإصلاح الإداري الحديث. فإدخال نظم المعلومات الإلكترونية يسهل الوصول إلى الخدمات الحكومية، ويخفض من الروتين والإجراءات الورقية، كما يقلل فرص الفساد ويزيد من شفافية العمليات. ويعتبر الاستثمار في البنية التحتية الرقمية وتدريب الموظفين على استخدامها أمرًا حيويًا لتحسين سرعة وكفاءة الأداء الإداري.

  1. إعادة هيكلة نظم الأجور والحوافز

تلعب نظم الأجور والحوافز دورًا مهمًا في تحفيز الأداء المتميز داخل المؤسسات الحكومية. لذلك، يجب اعتماد سياسات عادلة ومتوازنة ترتبط ارتباطًا مباشرًا بمستوى إنجاز الموظفين. كما ينبغي تطبيق نظام تقييم أداء شامل يربط المكافآت بالإنجازات الفعلية، مما يعزز روح المبادرة والابتكار، ويحد من السلوكيات السلبية التي تعيق التطور المؤسسي.

  1. التركيز على التخطيط الاستراتيجي والمتابعة المستمرة

يشكل التخطيط الاستراتيجي حجر الزاوية لأي إصلاح إداري ناجح، إذ يحدد أهداف واضحة ومؤشرات قياس الأداء لفترات زمنية محددة. ويجب أن يترافق التخطيط مع لجان متابعة دورية تراقب مدى الالتزام بالخطة وتقوم بتعديلها حسب الحاجة. وتساعد هذه العملية في ضمان استمرارية الإصلاح، ومعالجة التحديات بشكل سريع وفعال، بالإضافة إلى تحسين اتخاذ القرار بناءً على المعطيات الحقيقية.

 

الاستنتاجات

استنادًا إلى ما تناولناه سابقًا، يمكن تلخيص أهم الاستنتاجات التي توصلنا إليها على النحو التالي:

  1. تلعب الإدارة العامة دورًا أساسيًا في تعزيز الحوكمة الرشيدة في العراق، حيث تمثل العمود الفقري لأي نظام حكومي يسعى لتحقيق التنمية المستدامة. تواجه الإدارة العامة تحديات كبيرة بسبب التنوع السياسي والتداخل بين السلطات، لكنها تبقى الفاعل الرئيسي في تحسين الأداء المؤسسي. من خلال تطوير مهارات الكوادر وترشيد استخدام الموارد، يمكن رفع كفاءة المؤسسات الحكومية بما يخدم مصلحة المواطنين.

  2. التنوع السياسي في العراق يزيد من تعقيد عمل الإدارة العامة ويستلزم مرونة وقدرة على التكيف مع التغيرات المستمرة. هذه المرونة ضرورية لضمان استمرار تقديم الخدمات وتحقيق الاستقرار الإداري في بيئة سياسية غير مستقرة. يمكن تحقيق ذلك عبر تبني خطط استراتيجية واضحة وتعزيز الشفافية والمساءلة على جميع المستويات الإدارية.

  3. الفساد والمحاصصة الطائفية من أبرز العقبات التي تعيق تطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة في العراق. يؤدي الفساد إلى تقويض الثقة بين المواطنين والدولة، ويؤثر سلبًا على جودة الخدمات العامة وفعالية الأداء الإداري. عدم توفر معايير واضحة للكفاءة وتوظيف الولاءات السياسية يفاقم من هذه المشكلة ويعرقل مسيرة الإصلاح الإداري.

  4. هناك حاجة ماسة إلى إصلاح إداري شامل يشمل تحديث التشريعات والقوانين، وإعادة هيكلة البنية الإدارية لتقليل البيروقراطية وتعزيز الكفاءة. كما يجب تطوير آليات الرقابة والمساءلة لتضمن تطبيق القوانين بفعالية والحفاظ على نزاهة المؤسسات. الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة وتدريب الكوادر يعدان من الركائز الأساسية لنجاح هذه الإصلاحات.

  5. تعزيز التعاون والتكامل بين الدولة، القطاع الخاص، والمجتمع المدني يشكل ركيزة مهمة لبناء منظومة حوكمة رشيدة. مشاركة المجتمع والقطاع الخاص تساعد في رفع مستوى المساءلة والشفافية، مما يعزز الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية. إن بناء شراكات فاعلة تساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحسين جودة حياة المواطنين في العراق.

 

المقترحات

بناءً على الاستنتاجات السابقة، يُمكن تقديم أهم التوصيات التالية لتعزيز الأداء الإداري والحكم الرشيد:

  1. تعزيز الاستقرار السياسي لضمان استمرارية السياسات والإصلاحات الإدارية بما يدعم بيئة حكم رشيد ومستقر.

  2. تطوير الأطر القانونية والإدارية لتعزيز الشفافية والمساءلة وضمان العدالة في المؤسسات الحكومية.

  3. بناء قدرات الكوادر الإدارية من خلال برامج تدريب مستمرة تركز على الكفاءة المهنية والنزاهة.

  4. تفعيل آليات الرقابة الداخلية والخارجية لتعزيز المساءلة والشفافية في أداء الإدارة العامة.

  5. تعزيز مشاركة المجتمع المدني والقطاع الخاص في صنع القرار لمزيد من الشمولية والفعالية.

  6. استخدام التكنولوجيا الحديثة لتسهيل الإجراءات الحكومية وتقليل البيروقراطية ومكافحة الفساد.

  7. غرس ثقافة المسؤولية والعمل الجاد بين موظفي القطاع العام للارتقاء بأداء المؤسسات الحكومية.

  8. تعزيز الحوار الوطني بين مختلف مكونات المجتمع للتقليل من أثر الانقسامات السياسية والطائفية على الإدارة العامة.

  9. تطوير أنظمة تقييم الأداء وربط المكافآت بالكفاءة لتحفيز العاملين وتحسين جودة الخدمات العامة.

 

المصادر

 

  1. أحمد، كربوش، فؤاد، ونعوم. (2023). الحكم الرشيد والسياسات العامة: دراسة مفاهيمية نظرية. مجلة المستقبل للدراسات القانونية والسياسية، العدد7، المجلد1.

  2. العبودي، علي عبد الرحمن. (2023). موقع العراق وفق مؤشرات الحكم الرشيد: العقبات والحلول. مركز البيان للدراسات والبحوث.

  3. أمال، مجناح. (2021). دور الحكم الرشيد في الإصلاح الإداري للمؤسسات العمومية في الدول النامية. مجلة الأستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية، 6(1), 609.

  4. ابتسام، حاتم. (2024). ترشيد الحكم في التجربة العراقية: الأبعاد والمعالجات. المجلة السياسية الدولية.

  5. العسكرية، هاني مالك. (2022). الحكم الرشيد ومؤشراته في العراق: تحليل للاتجاه والتطور للمدة من 2003-2020. مركز تبيين للدراسات والتخطيط. تم الاسترجاع من https://tabyeen.net/

  6. أنصر، سفاح كريم. (2024). الحكم الرشيد (الحوكمة) وبناء الدولة: مسارات التحول وتعزيز الشفافية والمساءلة في العراق. مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية. تم الاسترجاع من https://www.alnahrain.iq/post/1095

  7. البنك الدولي. (1992). الحكم والتنمية.

  8. الجبوري، سوسن، كريم. (2022). الفساد المالي والإداري وأهم آثاره الاقتصادية في العراق. كلية الإدارة والاقتصاد، جامعة القادسية، 47.

  9. جنيدي، هدى فزعل محمد، مجدي، زينب. (2024). تأثير الطائفية السياسية على عدم الاستقرار السياسي: دراسة مقارنة (العراق- لبنان) 2005–2023. المركز الديمقراطي العربي، برلين- ألمانيا.

  10. عبد الحميد، حسن سعيد. (2016). مشهد المحاصصة في العراق. مركز الدراسات الاستراتيجية. تم الاسترجاع من https://kerbalacss.uokerbala.edu.iq/wp/blog/2016/03/30/مشهد-

  11. عبد الوهاب، ياسر. (2018). مبادئ وآليات الحوكمة ودورها في دعم وتطوير نظام الإدارة المحلية المصري. مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 19(1), 203.

  12. عمراني، كبرولي. (2008). الحكم الرشيد ومستقبل التنمية المستدامة في الجزائر. مداخلة في الملتقى الوطني حول التنمية المستدامة، جامعة محمد خيضر-بسكرة

  13. مصطفى بشير. (2005). الأداء المتميز للحكومات من خلال الحكم الرشيد والإدارة الرشيدة. المؤتمر الدولي حول الأداء المتميز للمنظمات والحكومات، جامعة ورقلة، الجزائر.

  14. ثامر كامل، محمد. (2000). إشكالية الشرعية والمشاركة وحقوق الإنسان في الوطن العربي. المستقبل العربي، العدد 115، 118.

  15. مجموعة طلبة المرحلة الرابعة. (2006). ملتقى الحكم الرشيد في الإدارة العمومية. المدرسة الوطنية للإدارة، وزارة الداخلية، الجزائر.

  16. ال طعمة، حيدر حسين. (2016). المالية العامة وسياسات الحكم الرشيد. كلية الإدارة والاقتصاد، جامعة كربلاء. تم الاسترجاع من https://business.uokerbala.edu.iq/wp/archives/1251

  17. كمال، شريط، وسفيان، خلوفي. (2018). مفهوم الحكم الرشيد وعلاقته بالتنمية المستدامة. مجلة دراسات في الاقتصاد وإدارة الأعمال، 2, 286.

  18. S.J, Indahsari. C. L(2020). New Public Management (NPM) as an Effort in Governance, Jurnal Manajemen Pelayanan Publik. Vol. 3, N. 2.

([1]) العبودي، علي عبد الرحمن( 2023). موقع العراق وفق مؤشرات الحكم  الرشيد: العقبات والحلول، مركز البيان للدراسات والبحوث، ص3.

([2]) ابتسام حاتم( 2024). ترشيد الحكم في التجربة العراقية: الابعاد والمعالجات، المجلة السياسية الدولية.

([3]) احمد، كربوش، فؤاد، نعوم(2023). الحكم الراشد  والسياسات العامة: دراسة مفاهیمیة  نظریة ، مجلة المستقبل للدراسات القانونية والسياسية، العدد 1، المجلد 7، ص221.

([4])  مجموعة طلبة المرحلة الرابعة(2006). ملتقى الحكم الرشيد في الادارة العمومية، المدرسة الوطنية للأدارة، وزارة الداخلية، الجزائر، ص11.

([5]) البنك العالمي(1992). الحكم والتنمية.

([6] ) عمراني، كربولي . (2008). الحكم الراشد ومستقبل التنمية المستدامة في الجزائر. مداخلة في الملتقى الوطني حول التنمية المستدامة، جامعة محمد خيضر-بسكرة، كلية العلوم السياسية، ص 2.

([7] )  حيدر حسين ال طعمة( 2016). المالية العامة وسياسات الحكم الرشيد، كلية الادارة والاقتصاد، جامعة كربلاء، اخر مشاهدة 19-08-2025، ورط على الرابط التالي: https://business.uokerbala.edu.iq/wp/archives/1251

([8] ) أنصر سفاح كريم(2024). الحكم الرشيد (الحوكمة) وبناء الدولة / مسارات التحول وتعزيز الشفافية والمساءلة  في العراق، مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية، اخر مراجعة 20-08-2025، ورد على الرابط التالي: https://www.alnahrain.iq/post/1095

([9] ) علوان، المصدر سبق ذكره، ص32.

[10])) ثامر كامل محمد. (2000). إشكالية الشرعية والمشاركة وحقوق الإنسان في الوطن العربي. المستقبل العربي،  العدد 115، ص118.

[11])) علوان، المصدر سبق ذكره، ص29.

[12])) عبد الوهاب، ياسر( 2018). مباديء وآليات الحوکمة ودورها في دعم وتطوير نظام الإدارة المحلية المصري، مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، العدد19، المجلد1، ص203.

[13])) علوان، المصدر سبق ذكره، ص29.

[14])) كمال، شريط، سفيان، خلوفي(2018). مفهوم الحكم الراشد وعلاقتة بالتنمية المستددامة، مجلة دراسات في الاقتصاد وادارة الاعمال، العدد2، ص286.

[15])) امال، مجناح( 2021). دور الحكم الرشيد في الاصلاح الاداري للمؤسسات العمومية في الدول النامية، مجلة الاستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية، العدد1، المجلد 6، ص609.

[16])) كمال وسفيان، المصدر سبق ذكره، 287.

([17] (Rahajar. S.J, Indahsari. C. L(2020). New Public Management (NPM) as an Effort in Governance,

 Jurnal Manajemen Pelayanan Publik. Vol. 3, N. 2, p: 75,

([18] ) ibid, p: 76.

[19]) ) هاني مالك العسكرية( 2022). الحكم الرشيد ومؤشراته في العراق تحليل للاتجاه والتطور للمدة من (2003-2020)، مركز تبيين للدراسات والتخطيط، اخر مشاهدة 20-08-2025، https://tabyeen.net/

[20])) جنيدي،  هدى فزعل محمد، مجدي، زينب( 2024). تأثير الطائفية السياسية على عدم الإستقرار السياسي دراسة مقارنة (العراق- لبنان) 2005 – 2023، المركز الديمقراطي العربي، برلين- المانيا.

[21])) حسن سعيد عبد الحميد(2016). مشهد المحاصصة في العراق، مركز الدراسات الاستراتيجية، اخر مشاهدة 20-08-2025، ورد على الرابط التالي: https://kerbalacss.uokerbala.edu.iq/wp/blog/2016/03/30/%D9%85%D8%B4%D9%87%D8%AF-

[22])) الجبوري، سوسن، كريم(2022). الفساد المالي والاداري واهم اثاره الاقتصادية في العراق، كلية الادارة والاقتصاد، جامعة القادسية، ص47.

[23])) مصطفىـ بشير(2005). الاداء المتميز للحكومات من خلال الحكم الراشد والإدارة الرشیدة،  المؤتمر الدولي حول الأداء المتمیز للمنظمات والحكومات ، جامعة ورقلة، الجزائر، ص33.

 

Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?

Reload Reload document
| Open Open in new tab

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى