الاكثر قراءةتقدير موقفغير مصنف

دلالات الهجوم “الإسرائيلي” على قيادات حماس في قطر

بقلم: أ.د. سعد السعيدي

مدير مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية

 

شنت الطائرات (الاسرائيلية) ظهر الثلاثاء الموافق 9 أيلول 2025 هجوما جويا مباغتا في العاصمة القطرية الدوحة استهدف اجتماع لقيادات حركة حماس كانوا مجتمعين لاتخاذ قرار بخصوص العرض الامريكي لوقف الحرب في غزة، وعلى الرغم من تضارب الانباء حول مصير القيادات المستهدفة بالهجوم وعدد الضحايا وهوياتهم ومناصبهم الا ان لهذا الهجوم دلالات عميقة واثار كبيرة جدا يمكن التطرق لها بمجموعة من النقاط لتحليلها على الرغم من حداثة الحدث وعدم تبلور معالمة وملابساته وكالاتي:

اولا: الهجوم تم تنفيذه وفقا لقرار من اعلى قيادة سياسية وامنية في (اسرائيل) وهي رئيس الوزراء (الاسرائيلي) نتنياهو وباشراف مباشر من وزير الدفاع ورئيس اركان الجيش بشكل يعكس مدى اهمية ومركزية الحدث وبما لا يدع مجال للشك او التكهن بمدى اصرار القيادة (الاسرائيلية) على تصفية خصومها بمن فيهم الذين تتفاوض معهم.

استهداف الفريق الفلسطيني المفاوض ومحاولة تصفيته بهذه الطريقة يشير بما لا يدع مجال للشك ان (اسرائيل) غير جادة لانهاء الحرب او انقاذ الرهائن،..

 

 

ثانيا: ما تسرب من معلومات يشير الى ان المستهدفين من قادة حماس هم اعلى وارفع مناصب قيادية في قيادة حماس ممثلين بكل من خالد مشعل وخليل الحية وزاهر جبارين ونزار عوضالله، مما يعني ان الهدف هو تصفية قيادة حماس بشكل تام عبر الاغتيال الممنهج لاهم قادتها بمن فيهم قيادات الصف الاول والصف الثاني، حيث تؤمن الحكومة (الاسرائيلية) بأن تصفية القيادة الفلسطينية تسهم بتصفية القضية ودفع من تبقى من القيادات الى الاستسلام والاذعان لشروط الاحتلال.

ثالثا: يبدو ان القصف تم بالاتفاق بين (اسرائيل) والولايات المتحدة وبتنسيق عال جدا، حيث اعلنت (اسرائيل) ان الرئيس الامريكي  ترامب يعلم بكل تفاصيل وقرارات العملية قبل حدوثها، وهذا يفهم بالنسبة لنا  كمتابعين على انه تكامل دبلوماسي– امني (اسرائيلي) امريكي لنجاح العملية عبر قيام الرئاسة الامريكية بايهام قيادات حماس بان الولايات المتحدة مستعجلة على وضع حل وحد للحرب وان على قيادات حماس الاجتماع بسرعة لصنع قرار نهائي بهذا الشأن، ومن ثم التمهيد للمستوى الامني بوضع خطة استهداف القيادات عند اجتماعهم، مما يعني ان عملية العزل بين الجهد الدبلوماسي والتحرك العسكري والامني لم تعد مطروحة في السلوك (الاسرائيلي) – الامريكي حيال خصومهم.

رابعا: استهداف الفريق الفلسطيني المفاوض ومحاولة تصفيته بهذه الطريقة يشير بما لا يدع مجال للشك ان (اسرائيل) غير جادة لانهاء الحرب او انقاذ الرهائن، وان هدفها النهائي هو استمرار الحرب لتصفية خصومها في كل المنطقة، وانها تريد بهجومها هذا منح مبرر للفلسطينيين لقتل المختطفين للتخلص من العبيء الذي يمثلوه على حكومة نتنياهو من جهة، ولتحميل حركة حماس والمقاومة الفلسطينية مسؤولية مقتلهم واظهارهم امام العالم بانهم ارهابيين تسببوا بكل هذه الاحداث والتبرير لعملية احتلال غزة، وهذا امر واضح تعكسه قرارات الحكومة (الاسرائيلية) المتطرفة التي لا ترغب بشيء اكثر من رغبتها بتاجيج نيران الحرب واذكائها اكثر عبر الاغتيالات والقصف والتهجير.

خامسا: قطعا ستنعكس هذه العملية  بغض النظر عن مدى  نجاحها او فشلها في تصفية قيادات حماس على موقفهم من اجراء مفاوضات مع الاحتلال مستقبلا من جهة وعلى نسبة ثقتهم بالطرف الامريكي كوسيط  من جهة اخرى، حيث سيتم التعامل مع الجانب الامريكي منذ اليوم كطرف مباشر في العدوان وكمنسق رئيس في عمليات الاغتيالات وطرف مهمته منح صكوك الغفران للجانب (الاسرائيلي) مهما فعل، وهو تحول بحد ذاته مهم للغاية في اطار اي عمليات تفاوض او تسوية مستقبلية.

سادسا: لا شك ستنعكس هذه العملية سلبا على جهود الولايات المتحدة و(اسرائيل) في مجال التطبيع مع الدول العربية بالاخص مع دول الخليج العربي حيث تفسر العملية رغم استهدافها لقيادات حماس على انها استهداف لسيادة دولة عربية خليجية وبالتالي ستقيد هذه العملية من اي رغبة حالية او في المستقبل القريب لاي دولة خليجية للتطبيع مع الاحتلال او تعميق علاقاتها معه .

سابعا: تشير العملية الى حجم التغول (الاسرائيلي) وسيطرته على اجواء دول منطقة (الشرق الاوسط) بشكل تام، حيث بات طيران الاحتلال يمارس عملياته في اجواء المنطقة بمرونة عالية وبحرية كبيرة دون قدرة اي دولة على اعتراضه او اسقاط الطائرات المهاجمة، وقد توقعنا هذا الحال وحذرنا من خطورته منذ الايام الاولى للعدوان (الاسرائيلي) على لبنان وفرض سيطرة على الاجواء واغتيال السيد  حسن نصر الله، ومن ثم فرض السيطرة على الاجواء الايرانية وتنفيذ عمليات اغتيال لقيادات كبيرة، واذا تحدثنا عن قطر بشكل خاص فهي وعلى الرغم من صغر جيشها الا انها تمتلك طائرات متطورة ومن بينها اف 16 ورافال الفرنسية وتمتلك منظومة دفاع جوي ورادارات متقدمة، وعلى الرغم من ذلك فانها اما فشلت في اكتشاف واعتراض الطائرات المهاجمة واما انها تغاضت عنها ولم تحاول اعتراضها خوفا من اغضاب (اسرائيل) والولايات المتحدة، وهو امر بالنهاية يضع كل القيادات العربية وقيادات دول منطقة (الشرق الاوسط) بمن فيهم مصر والسعودية وايران وتركيا  والعراق والاردن في مرمى الاستهداف والتصفية متى ما وضعوا انفسهم بالضد من مشاريع هذا الاحتلال التوسعي وطالما انهم لم يمتلكوا لا موقف تضامني موحد ولا معدات عسكرية متطورة لحماية امن اوطانهم.

 

 

ثامنا: الهجوم تم تنفيذه ب 15 طائرة (اسرائيلية) بالاضافة الى عدد اخر من الصواريخ الموجهة وهو امر يشير الى احتمالين اساسيين هما: الاول وهو ان المكان الذي تم فيه اجتماع قيادات حماس مكان محصن بشكل كبير وله تفرعات ومخارج مختلفة ويقع غالبه تحت الارض وان ما يظهر منه مجرد واجهة ليبدوا على انه بيت اعتيادي , حيث تم قصف المكان بعدة صواريخ رغم صغر حجمه مقارنة بالبنايات العملاقة التي تحتاج الى عدد كبير من الصواريخ والقنابل لتفجيره، والاحتمال الثاني وهو الاكثر واقعية هو ان عدد الطائرات يشير الى ان (اسرائيل) تريد ايصال رسالة واضحة لدول المنطقة انها موجودة في كل مكان وبقوة وان طائراتها مستعدة لتنفيذ اي عملية في اي عاصمة دون قدرة اي طرف على الرد.

تاسعا: على الارجح ان قطر على علم بالهجوم لكن قبل فترة وجيزة جدا من تنفيذه حيث تم اعلامها بالهجوم قبل دقائق من تنفيذ القصف اي بعد وصول الطائرات الى اهدافها، والغريب بالموضوع ان الطائرات (الاسرائيلية) قطعت مسافة بعيدة جدا وتزودت بالوقود في الطريق ومرت باجواء اكثر من دولة عربية دون ان يتم اكتشافها وتشخيصها الامر الذي يظهر هشاشة منظومة الامن العربية وعدم صلاحيتها لمواجهة الاخطار الخارجية، وهي بذلك منظومة مسيطر عليها اكثر من كونها مسيطرة على الجو،  ولا تنفع تماما للاستخدام وهذا يعود اما الى انها منظومات غربية يتم التحكم بها وتعطيلها من قبل الدول التي باعتها للدول العربية واما انها متخلفة مقارنة بالتكنولوجيا (الاسرائيلية).

عاشرا: لا نتوقع اي رد فعل عربي معتبر يتسق مع حجم وخطورة الهجوم وان الامر ربما يقتصر على ادانات وشكوى في الامم المتحدة وفي اقصى حد قد يصل الى تجميد اتفاقيات ابراهام او عقد اجتماع لمجلس التعاون الخليجي او الجامعة العربية وهو في اجراء لا يعدوا كونه هواء في شبك، فالتحالف (الاسرائيلي) الامريكي ماض في تنفيذ سياساته ووضع مشاريعه التوسعية ومشاريع الهيمنة موضع تنفيذ دون رادع.

حادي عشر: نتوقع عمليات (اسرائيلية) مماثلة او مقاربة لهذه العملية لاستهداف معارضيها وتصفيتهم وبنفس الوقت بث منطق الرعب في قلوب حكام الدول العربية لدفعهم للمزيد من الخوف والاستسلام والتخلي عن روح التحدي والمقاومة وبيع ما تبقى من القضية الفلسطينية، فضلا عن تعميم روح الاحباط من القدرة على مواجهة هكذا عدوا حتى لو اسباح اراضي عربية جديدة.

 

Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?

Reload Reload document
| Open Open in new tab

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى