الاكثر قراءةتحليلات و آراءغير مصنف

أوجه اختلاف قانون الأحوال الشخصية عن مدونة القانون الجعفري / الجزء 2

أوجه اختلاف قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 عن مدونة الأحكام الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية وفق المذهب الشيعي الجعفري لسنة 2025

(الجزء الثاني)

 بقلم: د. مصدق عادل

كلية القانون – جامعة بغداد

 

 

بعد أنْ استعرضنا في الجزء الأول من دراستنا أوجه الاختلافات بين قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 المعدل من جهة، وبين مدونة الأحكام الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية وفق المذهب الشيعي الجعفريـ سواء تعلق ذلك بالنسبة لأحكام الزواج من المهر والنفقة وأسباب التحريم والحضانة وحقوق الزوجين، وكذلك أحكام الطلاق وغيرها سنتناول في هذا الجزء أوجه الاختلافات فيما بين التشريعين المذكورين في الأحكام الأخرى للأحوال الشخصية والتي تشمل الوصية والميراث، والتي تتمثل بالآتي:

  1. اختلاف تعريف الوصية: عرف القانون (188) لسنة 1959 الوصية بأنها تصرف في التركة مضاف إلى ما بعد الموت مقتضاه التمليك بلا عوض، فيما عرفت الوصية مدونة الأحكام الشرعية للفقه الجعفري بأنها عهد الانسان بما يريده بعد وفاته.

  2. من حيث أنواع الوصية: لم يتطرق القانون (188) لسنة 1959 لأنواع الوصية وتقتصر على الوصية التمليكية، خلافاً لمدونة الأحكام الشرعية للفقه الجعفري التي حددت الوصية بنوعين هما الوصية التمليكية والوصية العهدية.

  3. اختلاف وسائل اثبات الوصية: اوجب القانون (188) اثبات الوصية بدليل كتابي موقع من الوصي او مبصوم بختمه او طبعة ابهامه، أما إذا كان عقارات أو مالاً منقولاً تزيد قيمته على (500) دينار وجب تصديقه من الكاتب العدل، مع جواز إثبات الوصية استثناءً بالشهادة في حالة وجود مانع مادي يحول دون الكتابة، خلافاً لمدونة الاحكام الشرعية للفقه الجعفري حيث تثبت الوصية التمليكية بـ(3) وسائل اثبات فإما شهادة رجلين عدلين، أو بشهادة رجل عدل مع يمين الموصى له، أو بشهادة رجل عدل مع امرأتين عدلين، أما الوصية العهدة فتثبت بشهادة رجلين عدليين فقط لأهميتها وخطورتها، وفي جميع الأحوال يجوز استثناء اثبات الوصية العهدية او التمليكية في حالة وجود مكتوب بخط الميت أو بتوقيعه أو بصمة ابهامه شريطة سلامته من التزوير والتلاعب، وبهذا لا يشترط في إثبات الوصية وفق المدونة الشرعية تصديقها من الكاتب العدل.

  4. من حيث الحد الأعلى للوصية ونفاذها: حدد القانون (188) لسنة 1959 النسبة القصوى للوصية، بان لا يجوز الوصية بأكثر من (ثلث) التركة إلا بإجازة الورثة، وكذلك الحال بالنسبة لمدونة الأحكام الشرعية للفقه الجعفري التي تشترط ان لا يكون الموصى به زائداً على الثلث، فاذا زاد عليه بطل الإيصاء في الزائد الا مع إجازة الوارث، مع جواز نفاها في حصة الوارث المجيز دون غيره.

  5. الاختلاف في طبيعة أحكام الوصية: يلاحظ أن القانون (188) اكتفى ببيان الاحكام العامة للوصية دون الخوض في الأحكام التفصيلية والشرعية الخاصة بالوصية، حيث أحال كل ما يتعلق بها الى المواد (1108-1112) من القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951، خلافاً لمدونة الأحكام الشرعية للفقه الجعفري التي توسعت في الاحكام التفصيلية الخاصة بالوصية بثلث التركة او ما زاد عليها فجاءت معالجتها شاملة متكاملة ذات طابع ديني أكثر منه طابع قانوني أو مدني.

  6. الاختلاف في حكم الوصية الواجبة: عالج القانون (188) لسنة 1959 حكم الوصية الواجبة التي تمنح ثلث التركة للحفيد في حالة وفاة والده أو والدته قبل وفاة جدته أو جدته، خلافاً لما هو عليه الحال في مدونة الأحكام الشرعية للفقه الجعفري التي اقرت عدم توريث أولاد الأولاد، لعدم تحقق الشروط الشرعية لاستحقاق الإرث، غير أن المدونة لم تمنع من الإيصاء بثلث التركة أو من خارج ثلث التركة مع استحصال موافقة الورثة عليه حال حياته.

أي: إنَّ انتقال ثلث التركة الى أولاد الأولاد يتم بحكم القانون وفق القانون (188)، خلافا ًلمدونة الاحكام الشرعية للفقه الجعفري التي لا ينتقل فيها ثلث التركة أو ما قل عنه أو ما زاد الا في حالة الوصية التي يكتبها الجد أو الجدة.

  1. الاختلاف في تعريف الإيصاء: عرف القانون (188) لسنة 1959 الإيصاء بأنه إقامة الشخص غيره لينظر فيما أوصى به بعد وفاته، خلافاً لمدونة الاحكام الشرعية للفقه الجعفري الذي اطلق عليه تسمية (الوصية العهدية) والتي عرفتها بان يعهد الشخص بتولي احد بعد وفاته امراً يتعلق به أو بغيره ولا يحتاج الى القبول.

  2. الاختلاف في شروط الإيصاء: حيث يشترط القانون (188) في الوصي توفر الأهلية القانونية والشرعية، خلافاً لمدونة الاحكام الشرعية للفقه الجعفري التي تشترط البلوغ والعقل والإسلام والوثوق بتنفيذ الوصية.

  3. الاختلاف في أحكام عزل الوصي المختار: عالج القانون (188) حالة عزل الوصي المختار بمنح قاضي محكمة الأحوال الشخصية سلطة عزله، غير أنه ليس للقاضي عزل الوصي المختار إلا بسبب شرعي فإنْ كان عاجزاً ضُم إليه غيره، أما إذا ظهر عجزه نهائياً فيُستبدل غيره به، خلافاً لمدونة الأحكام الشرعية للفقه الجعفري حيث أنه في حالة عجز الوصي عن تنفيذ الوصية ضم اليه القاضي بموافقة المرجع الديني من يساعده، وإذا ظهرت منه الخيانة ضم اليه امينا يمنعه وبخلافه يصار إلى عزله ونصب غيره، وبهذا يتضح أن قاضي محكمة الأحوال الشخصية يتوقف قراره باستحصال موافقة المرجع الديني على الضم والعزل.

  4. الاختلاف في الرجوع الى راي ممثل السلطة الدينية بشأن أحكام الإيصاء: منع القانون (188) قاضي محكمة الأحوال الشخصية من الوقوف على الراي الشرعي للسلطة الدينية بشأن أحكام الوصية، حيث يصدر القاضي قراره بشأن الوصي، خلافاً لما هو عليه الحال بالنسبة لمدونة الأحكام الشرعية الجعفرية التي منحت المرجع الديني الأعلى ممارسة بعض الصلاحيات الممنوحة لقاضي محكمة الأحوال الشخصية في مدونة الأحكام الشرعية كاستحصال موافقة المرجع الديني في بعض مسائل الوصية، كما في حالة اختلاف الاوصياء و أدى ذلك لتعطيل العمل بالوصية، حيث يجوز للقاضي بموافقة المرجع الديني ضم شخصا ًآخراً إليهما، وكذلك الحال في حالة خيانة الوصي، والرغبة في ضم اميناً يمنعه عن الخيانة حيث يتوجب على القاضي توكيل غيره بموافقة المرجع الديني، وكذلك اذا مات الوصي قبل اكمال ما كلف به، أو اذا لم يعين الموصي وصياً لتنفيذ وصيته كما في حالة عدم الاذن للورثة في تنفيذها حيث تلزم المدونة القاضي بالرجوع الى المرجع الديني لتنصيب من يتولى تنفيذها ممن يوثق به، وينطبق الحكم ذاته بالنسبة الى تعيين الوصي من قبل القاضي في حالة فقد ولاية الاب أو الجد لاب حيث يشترط موافقة المرجع الديني على ذلك.

  5. الاختلاف في موجبات أو أسباب الإرث: حدد القانون (188) لسنة 1959 أسباب الارث بالقرابة والنكاح الصحيح، حيث حدد هذا القانون فئات المستحقين للورثة بأنها الوارثون بالقرابة والنكاح الصحيح والمقر له بالنسب، والموصى له بجميع المال وبيت المال، خلافاً لمدونة الاحكام الشرعية التي حددت أسباب الإرث بالنسب والزوجية والولاء (ولاء ضامن الجزيرة وولاء الإمامة).

  6. الاختلاف في تعداد الحقوق الي تتعلق بالتركة بعد وفاة المورث: حدد القانون (188) هذه الحقوق مرتبة بـ(1-تقديم تجهيز المتوفى على الوجه الشرعي.2- قضاء ديونه وتُخرج من جميع ماله. 3- تنفيذ وصاياه وتُخرج من (ثلث) ما بقي من ماله.4-إعطاء الباقي إلى المستحقين)، فيما حددت هذه الحقوق مدونة الاحكام الشرعية للفقه الجعفري بترتيبها كالآتي (1- التجهيز الواجب للميت، 2- الديون. 3- الحج الواجب بالاستطاعة مع استقراره في الذمة.4- الوصية بما لا يزيد على ثلث التركة).

  7. الاختلاف في توزيع الاستحقاق والأنصبة على الوارثين بالقرابة: حدد القانون (188) لسنة 1959 توزيع الاستحقاق والانصبة على الوارثين بالقرابة وفق الأحكام الشرعية دون الخوض في الاحكام التفصيلية المتعلقة به، خلافاً لما هو عليه الحال في مدونة الأحكام الشرعية للفقه الجعفري الذي افردت العديد من المواد لمعالجة الأحكام التفصيلية الخاصة به، فاتسمت بالشمولية والدقة وبما ينسجم مع المذهب الشيعي الجعفري.

  8. الاختلاف في تحديد حصة المرأة من الإرث: اورد القانون رقم (188) لسنة 1959 استحقاق الزوجة (الثمن) عند وجود الفرع الوارث و(الربع) عند عدمه، كما تستحق البنت أو البنات في حالة عدم وجود أبن للمتوفي ما تبقى من الشركة بعد أخذ الأبوين والزوج الآخر فرضهم منها وتستحق جميع التركة في حالة عدم وجود أي منهم، وبهذا اقتبس هذا القانون الحكم المنصوص عليه في المذهب الجعفري، وينطبق الحكم ذاته في مدونة الأحكام الشرعية التي جاءت لتكرر الأحكام المذكورة أعلاه بشان استحقاق البنت والزوجة، غير أنَّ المدونة اقرت بجواز توريث الزوجة مما تركه الزوج من المنقولات كالنقود والبضائع والحيوانات والحقوق الثابتة في الأرض ولا ترث من الأرض المملوكة له عيناً ولا قيمة، وترث ما ثبت فيها من بناء واشجار والآت ونحو ذلك بالقيمة.

غير أنَّ المادة (315) من المدونة اجازت منح الزوجة الثلث من تركة الزوج مقدماً على سائر وصاياه من أي ارض سكنية او غيرها يملكها عند وفاته، او من قيمتها بمقدار نصيبها من ميراثه وهي الثمن إنْ كان له ولد، والربع إنْ لم يكن له ولد.

 

Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?

Reload Reload document
| Open Open in new tab

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى