صاروخ آخر الزمان ومعادلة الردع: هل “الشرق الأوسط” على أعتاب حرب وجودية؟

بقلم: الباحث بختيار أحمد صالح

في الأيام الأخيرة، تناقلت وسائل إعلام إقليمية ودولية، من بينها سكاي نيوز عربية والجزيرة، خبر تطوير إيران لمنظومة صاروخية جديدة تحت اسم (آخر الزمان)، صاروخ فرط صوتي (هايبرسوني) تتجاوز سرعته 12 ماخ، قادر على حمل عشرات الرؤوس الانفجارية، ويصل مداه إلى نحو 3000 كيلومتر. هذا السلاح يمكنه أن يبلغ تل أبيب في غضون دقائق معدودة، ويجعل أنظمة الدفاع التقليدية عاجزة عن التصدي له.

في المقابل، تسعى الولايات المتحدة و(إسرائيل) عبر مشاريع مثل الشعاع الحديدي (Iron Beam) وتكنولوجيا الليزر والطاقة الموجّهة لإيجاد وسائل مواجهة، إلا أنّ هذه المشاريع ما تزال في طور التطوير ولم تدخل الخدمة العملية بعد.

الأبعاد الفنية والعسكرية لصاروخ آخر الزمان

• السرعة والقدرات: يصنّف الصاروخ ضمن فئة الأسلحة الفرط صوتية بسرعة تتجاوز 12 ماخ، ما يجعل اعتراضه أمراً بالغ الصعوبة.

• المدى والحمولة: يصل مداه إلى 3000 كيلومتر، مع قدرة على حمل ما يقارب 80 رأساً حربياً، ما يمنحه قدرة تدميرية مضاعفة واستهداف عدة مواقع في وقت واحد.

• المناورة: يتميّز بقدرة عالية على المناورة في طبقات الغلاف الجوي، وهو ما يجعل مساره غير متوقّع ويقوّض فاعلية الدفاعات الصاروخية.

• البعد النفسي: إمكانية وصوله إلى تل أبيب في أقل من عشر دقائق لا تمثل فقط تحدياً عسكرياً، بل هي رسالة ردعية نفسية واستراتيجية (لإسرائيل) وحلفائها.

 إستراتيجية الردع الإيرانية: من الصاروخ إلى السردية الإعلامية

• الردع غير المتماثل: إيران، منذ الثمانينيات، تبنّت خيار الصواريخ كبديل عن ضعف قواتها الجوية، لتكريس معادلة تكلفة باهظة لأي هجوم.

• القوة الإعلامية: اختيار اسم آخر الزمان يعبّر عن صناعة رواية ردعية، تهدف إلى تصوير السلاح كـنهاية اللعبة في حال اندلاع حرب.

• رسائل متعددة: إلى (إسرائيل) ان أي ضربة استباقية ستقابل برد مدمّ، وإلى الولايات المتحدة: قواعدها في المنطقة في مرمى التهديد، وإلى دول الخليج ان أي اصطفاف ضد الجمهورية الاسلامية في إيران قد يجعلها أهدافاً مباشرة، والدمج بين القوة الصلبة والناعمة ان الردع هنا ليس عسكرياً فقط، بل أيضاً حرب نفسية تهدف إلى خلق صورة الكابوس الإيراني.

ردود الولايات المتحدة و(إسرائيل): من القبة الحديدية إلى الشعاع الحديدي

• القيود القائمة: أنظمة مثل القبة الحديدية وحيتس ومقلاع داوود أثبتت فعاليتها ضد الصواريخ التقليدية، لكنها تبدو عاجزة أمام التهديدات الفرط صوتية.

• المشاريع (الإسرائيلية) الجديدة: تطوير نظام الشعاع الحديدي القائم على الليزر لإسقاط الصواريخ بسرعة الضوء. وتعزيز التكامل بين طبقات الدفاع المختلفة. وتوسيع التعاون مع الولايات المتحدة في الإنذار المبكر والتكنولوجيا الدفاعية.

• المساعي الأمريكية: تطوير أنظمة ليزرية وميكروويفية متقدّمة. والاستثمار في الذكاء الاصطناعي الدفاعي للتنبؤ بمسارات الصواريخ.

• الواقع الميداني: لا يوجد حتى الآن نظام دفاعي فعال عملياً ضد الأسلحة الفرط صوتية، ما يمنح إيران نافذة تفوق مؤقتة.

 السيناريوهات المحتملة: ردع متبادل أم حرب وجودية؟

السيناريو الأول: ترسيخ الردع المتبادل:  صاروخ آخر الزمان قد يتحول إلى ما يشبه السلاح النووي في الحرب الباردة، أداة لعدم الحرب عبر تكبيد العدو تكلفة غير محتملة.

السيناريو الثاني: سباق تسلّح وتصعيد إقليمي: إعلان الجمهورية الاسلامية في إيران عن هذا السلاح قد يدفع (إسرائيل) والولايات المتحدة ودول الخليج إلى الدخول في سباق محموم نحو تسلّح متقدّم.

السيناريو الثالث: حرب استباقية أو حرب وجودية: قد يرى البعض في (إسرائيل) أو واشنطن أن نافذة الفرصة تضيق، فيلجؤون إلى ضربة استباقية، وهو ما قد يقود إلى رد إيراني شامل يطال (إسرائيل) والقواعد الأمريكية والبنى التحتية الإقليمية.

الدبلوماسية كخيار كابح: رغم التصعيد الإعلامي، يبقى وجود قنوات خلفية وجهود وسطاء دوليين (أوروبا، تركيا، الصين، روسيا) عاملاً أساسياً في منع الانزلاق إلى مواجهة مباشرة.

المصادر

• الجزيرة مباشر. (28 أغسطس 2025) سلاح “آخر الزمان”: هل تفوقت إيران على أنظمة الدفاع الصاروخي؟

• سكاي نيوز عربية. (أغسطس 2025) حرب وجودية في الخريف القادم بقيادة صاروخ آخر الزمان الإيراني.

• (مقطع فيديو تحليلي منشور على إنستغرام وتيك توك(.

• مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (CSIS). (2024). Hypersonic Weapons: A Primer.

  CSIS Report

• معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى (2025). إيران وتطوير الصواريخ فرط الصوتية: التداعيات الإقليمية.

• مركز جينز للدفاع (Jane’s Defence). (2025). Missile and Air Defence Systems: Annual Review.

• تقارير البنتاغون – وزارة الدفاع الأمريكية . (2024). Military and Security Developments Involving the Islamic Republic of Iran.

• معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI). (2024). Trends in International Arms Transfers.

• مقابلات وخطابات رسمية لمسؤولي الدفاع (الإسرائيلي) حول مشروع Iron Beam ) وزارة الدفاع (الإسرائيلية)، 2024–2025(.

Loading...

Taking too long?

Reload document

| Open in new tab