الاكثر قراءةتحليلات و آراءغير مصنف

المواقف الدولية من الحرب بين إيران وإسرائيل

بقلم: ضرغام سعد علي –زينب نعيم صدام/  جامعة النهرين- كلية العلوم السياسية

المقدمة:

 عدت الحكومات (الإسرائيلية) المتعاقبة أن وجود قدرة على امتلاك أسلحة نووية في المنطقة، بخلاف قدرة (إسرائيل)، سيشكل تهديدًا لبقاء (إسرائيل). وقد أثار البرنامج النووي الإيراني – الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه محاولة للحصول على سلاح نووي، قلقًا بالغًا في (إسرائيل). وقد قررت الحكومة (الإسرائيلية)، مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية من أجل تأخير حصولها على السلاح النووي، وقد تباينت المواقف الدولية من الحرب بين إيران و(إسرائيل)، وعليه سوف تقتصر الدراسة على بيان مواقف عدد من الدول منها الولايات المتحدة الامريكية، روسيا والصين.

اولا: موقف الولايات المتحدة الامريكية

تربط الولايات المتحدة و(إسرائيل)علاقة طويلة الأمد، تتميز بروابط سياسية وعسكرية واقتصادية كبيرة. وقد أكدت الولايات المتحدة  استمرار التزامها بأمن (إسرائيل)، بعد تولي الرئيس دونالد ترامب ولايته الأولى كرئيس للولايات المتحدة الامريكية (2017-2021)، اتخذ ترامب موقفًا متشددًا تجاه إيران. حيث انسحب من خطة العمل الشاملة المشتركة التي أبرمها سلفه، من اجل التوصل إلى اتفاق جديد يحمل اسمه، من خلال اعتماد سياسة الضغط من اجل دفع إيران إلى توقيع اتفاق جديد. بعد عودته إلى السلطة في كانون الثاني، أصدر إنذارًا نهائيًا الى إيران في نيسان، بمنحها مهلة ستين يومًا لتوقيع اتفاق جديد أو مواجهة “عواقب وخيمة”، بما في ذلك ضربات عسكرية أمريكية أو (إسرائيلية) محتملة ضد منشآتها النووية. حيث وضع فيه شروطًا صارمة بما في ذلك تفكيك البرنامج النووي الإيراني، ووقف تخصيب اليورانيوم، وإنهاء دعم إيران وإمدادات الأسلحة للحوثيين في اليمن. في المقابل، أعرب ترامب عن استعداده لرفع العقوبات الاقتصادية وإنهاء عزلة إيران الدولية، وافقت إيران على اجراء المفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة، بدأت في نيسان في عُمان واستمرت في روما لخمس جولات. ومع ذلك، لم تسفر هذه المفاوضات عن أي تقدم ملموس، بسبب إصرار واشنطن على ألا تقوم إيران بأي أنشطة تخصيب على أراضيها. حتى مع استعداد نتنياهو لشن ضربة عسكرية ضد البرنامج النووي الإيراني، حيث سيدعم ترامب خطة نتنياهو لمهاجمة إيران ما لم يتم التوصل إلى اتفاق في غضون 60 يومًا. وعندما انتهى الموعد النهائي في حزيران 2025 دون اتفاق، في 13 حزيران 2025، بدأت (إسرائيل) عملية عسكرية كبيرة ضد إيران، بما في ذلك غارات جوية وعمليات سرية مُبلغ عنها. ردت إيران بإطلاق موجات من الصواريخ الباليستية ضد (إسرائيل). اشترت (إسرائيل) معظم طائراتها المقاتلة وذخائرها الكبيرة من موردين أمريكيين، بتمويل يصل إلى 4 مليارات دولار من المساعدات الأمريكية سنويًا، في 22 حزيران دخلت الولايات المتحدة الامريكية الحرب بشكل مباشر من خلال تنفيذ ضربات ضد ثلاثة مواقع نووية إيرانية رئيسة، بما في ذلك منشأة لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض في فوردو. في إخطار إلى الكونغرس، قال الرئيس دونالد ترامب إنه “يتوافق مع قرار صلاحيات الحرب” (P.L. 93-148)، صرح الرئيس ترامب بأن الضربة “نُفذت لتعزيز المصالح الوطنية الحيوية للولايات المتحدة، وفي الدفاع الجماعي عن حليفتنا (إسرائيل)، من خلال القضاء على البرنامج النووي الإيراني”. في المقابل في 23 حزيران أطلقت إيران صواريخ باليستية على العديد من القواعد الجوية الامريكية منها في قطر، فيما قد يكون ردًا رمزيًا إلى حد كبير؛ حيث لم ترد أنباء عن وقوع إصابات في صفوف القوات الأمريكية. بعد ساعات، أعلن الرئيس ترامب أن (إسرائيل) وإيران ستنهيان الأعمال العدائية في 24 حزيران. بعد إطلاق المزيد من الصواريخ، أشارت (إسرائيل) وإيران إلى نيتهما الالتزام بوقف إطلاق النار، لكنهما احتفظتا بالحق في الدفاع عن نفسيهما. وقال الرئيس ترامب إن ضربة أمريكية أخرى قد تحدث إذا استأنفت إيران تخصيب اليورانيوم، وقد أشاد ترامب بالهجوم ووصفه بأنه “ناجح للغاية”، وتفاخر بالأسلحة الأمريكية المستخدمة فيه، وحذر إيران من أن “ما سيأتي سيكون أكثر تدميراً” ما لم تعد إلى طاولة المفاوضات.

وبناءً على ذلك، يبدو واضحًا أن ترامب استخدم الحملة العسكرية (الإسرائيلية) كأداة للضغط على إيران للعودة إلى طاولة المفاوضات وقبول شروطه. لان أي هجوم (إسرائيلي) يُضعف بشكل كبير قدرة إيران على الأسلحة النووية وهذا مفيد لأهداف الولايات المتحدة في مكافحة الانتشار، وفي نهاية المطاف للأمن القومي الأمريكي. لان للولايات المتحدة مصلحة واضحة في سلامة نظام معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وامتثال الدول الأعضاء لترتيبات تفتيش هادفة. إن استخدام القوة ضد البرنامج النووي الإيراني سيُظهر، على الأقل، أن محاولات استغلال ضبط النفس لدى القوى المعنية، والتلاعب بالعملية الدبلوماسية، والتلاعب بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وإعاقة وصول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى المنشآت ذات الصلة بالأسلحة النووية، يمكن أن تحمل عقوبات شديدة.

ثانيا: موقف روسيا

بعد بدء الهجوم (الإسرائيلي) على الجمهورية الاسلامية الايرانية بتاريخ 13حزيران 2025  وجدت القوى الدولية نفسها امام منعطف حرج يهدد الاستقرار الاقليمي والدولي حيث برزت روسيا كلاعب رئيسي لكن من موقع المراقب المتفاعل لا المتدخل حيث ادانت وزارة الخارجية الروسية هذه الهجمات ووصفتها بأنها  انتهاكا واضحا وصريح لميثاق الامم المتحدة وعدوان غير مبرر ، حيث ابدى الكرملين موقفه من هذا التصعيد واصفا بأنه خطرا على السلم والامن الدوليين ويتوجب على الدول الكبرى والمؤسسات الدولية ان تتخذ موقف جدي لايقاف هذا الصراع من اجل تجنب انزلاق منطقة الشرق  الاوسط  بصراع له تأثير كبير، فضلا عن قيام روسيا بعرض مبادرات دبلوماسية وبادرت بأن تتخذ دور الوسيط بين طرفي النزاع من خلال اتصالات جرت بين الرئيس فلاديمير بوتين ونتياهو والرئيس دونالد ترامب  والرئيس الايراني وعلى الرغم من وجود معاهدة شراكة استراتيجية بين روسيا الاتحادية وبين الجمهورية الاسلامية الايرانية الا انها لا تتضمن بند للدفاع المتبادل حيث ان روسيا لا تلتزم بالتدخل العسكري لحلفائها ، اذ ان روسيا لا تنوي دعم ايران عسكريا للعديد من الاسباب من اهمها انشغالها بالحرب مع اوكرانيا وهذا الموقف هو مشابه لما حصل من غارات (اسرائيلية )على المصالح الايرانية في سوريا حيث لم تفعل دفاعاتها  الجوية لحماية ايران ، ان العلاقات الروسية الايرنية لها بعد استراتيجي حيث تعد ايران مصدر مهم للطائرات المسيرة (shahed) التي استخدمتها روسيا في حرب اوكرانيا لذلك  روسيا لا يمكن ان تتخلى عن حليفها الاستراتيجي وهو ايران,  في الوقت نفسه روسيا تحاول ان تستغل هذا الموقف من اجل ان تتخذ دور الوسيط في حل الازمة من اجل تعزيز موقفها الدولي لاسيما هنالك العديد من الدول الاوربية تتخذ موقف سلبي من روسيا بسبب حربها مع اوكرانيا لذلك سعت روسيا ومن خلال الامم المتحدة وباقي الوكالات والمؤسسات الدولية ان تتخذ موقف ودور مميز من اجل ايقاف الحرب بين الجمهورية الاسلامية الايرانية وبين (اسرائيل) ، اضافة الى ذلك ان روسيا تحافظ على علاقات  تحالفها مع (اسرائيل ) وخصوصا في ملف الرهائن لدى حماس اضافة الى وجود الجالية الروسية بشكل كبير في ( اسرائيل ) ، وهنالك جانب اخر اكد عليه الجانب الروسي في هذه الحرب هو سلامة الفنيين الروس العاملين في محطة بوشهر النووية حيث كان محور اساسي في الاتصالات التي اجراها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الاطراف المعنية ومن هنا نستنتج ان الموقف الروسي كان محاط بعدد من المحددات التي توازن بين المصالح  والقيود اهمها التحالف الاستراتيجي مع ايران والحفاظ على العلاقة مع ( اسرائيل ) وانشغالها بالحرب مع اوكرانيا وسلامة الفنيين الروس .

يتسم الموقف الروسي من الحرب بين إيران و(إسرائيل) بطابع متوازن يتجنب الانحياز الصريح، ويعكس إدراكًا استراتيجيًا لطبيعة التحديات الجيوسياسية المعقدة في الشرق الأوسط. فمن جهة، حرصت موسكو على إدانة التصعيد العسكري (الإسرائيلي) والتأكيد على شرعية المطالب الإيرانية في الدفاع عن سيادتها، وهو ما ينسجم مع تحالفها الاستراتيجي مع طهران. ومن جهة أخرى، امتنعت روسيا عن تقديم دعم عسكري مباشر لإيران أو التورط في الصراع، مفضّلة الاكتفاء بأدوار دبلوماسية ووساطات سياسية تعزز من صورتها كقوة مسؤولة وذات نفوذ دولي.

ويُعزى هذا الحياد الحذر إلى جملة من العوامل، أبرزها انشغال روسيا في الحرب الأوكرانية وما تفرضه من استنزاف عسكري واقتصادي، فضلًا عن سعي الكرملين لحماية علاقاته المتوازنة مع كل من إيران و(إسرائيل)، لا سيّما في ظل تقاطعات المصالح في الملفين السوري والنووي. كما تسعى موسكو إلى استثمار الفراغ النسبي الذي خلفه تراجع الحضور الأميركي في المنطقة لتعزيز مكانتها كفاعل إقليمي محوري.

وعليه، فإن هذا الموقف لا يُعدّ تراجعًا عن التزامات روسيا تجاه حلفائها، بل هو تعبير عن براغماتية مدروسة تهدف إلى تحقيق توازن دقيق بين الحفاظ على المصالح الاستراتيجية وتفادي الانزلاق في مواجهات قد تُضعف مكانتها الدولية. إن مقاربة موسكو في هذا السياق تمثل نموذجًا للسياسة الواقعية التي تقوم على مبدأ إدارة الأزمات دون الانخراط فيها مباشرة.

ثالثا: موقف الصين

 بدأ رد الصين سريعا ومتماشيا مع توجهاتها الاوسع في السياسة الخارجية فقد اصدرت ادانات شديدة اللهجة للضربات الاستباقية (الإسرائيلية) ودعت الى وقف فوري لاطلاق النار واطلقت حملة دبلوماسية واسعه  ومكثفة في الامم المتحدة وقد اسهمت هذه الادانة لوزير الخارجية الصيني (وانغ يي) للعدوان (الإسرائيلي) بأعتباره انتهاكا للقانون الدولي ، ودعوات الرئيس الصيني ( شي جين بينغ ) اللاحقة لتهدئة التوتر في ترسيخ مكاة الصين كقوة مسؤؤلة تدافع عن الاستقرار العالمي ، بدا دور الصين في هذه الحرب مع سياستها الخارجية واهدافها الثابته وهو عدم الانحياز وكان هذا الاسلوب واضح من خلال ادانة (اسرائيل ) والدعوة الى وقف اطلاق النار واحلال السلام ، وبرز دورها من خلال مجلس الامن وانظمت الى روسيا وباكستان في وقف اطلاق نار غير مشروط ، وعلى الرغم من وجوداتفاقية الشراكة الاستراتيجية التي تمتد لخمسة وعشرين عاما مع طهران ورغبتها في الحفاظ على الوصول الى الطاقة الايرانية , لم تقدم الصين اي شي يغير من مسار الصراع ، استمرت الصين بالتحرك بين الاطراف المعنية للتوصل الى حل وعندما هددت الجمهورية الاسلامية الايرانية باغلاق مضيق هرمز ذي الاهمية الاستراتيجية والذي يمر من خلاله 20% من نفط العالم سارعت بكين ايضا الى التصريح بصورة علنية الى تكثيف الجهود لتهدئة الصراعات ومنع احداث تأثير كبير للتنمية الاقتصادية العالمية حسب المعطيات ان موقف الصين يوضح محدودية نفوذها السياسي  في الشرق الاوسط ، اضافة الى ذلك ان رغبة الصين في وقف اطلاق النار هو لضمان امداداتها من الطاقة من الشرق الاوسط التي تمثل اكثر من نصف وارداتها من النفط الخام ، استخدمت الصين موقف غير حيادي بالكامل تميل الصين الى تجنب الاصطفاف الكامل مع اي طرف ومع ذلك ايدت ايران دبلوماسيا وادانت ( اسرائيل ) فضلا عن استخدامها دبلوماسية حذرة وفعالة بالكلام بدون تدخل عسكري او اتقتصادي ملموس ، وايضا استخدمت استراتيجية متوازنة حيث انها تسعى للحفاظ على مصالحها من الطاقة والتجارة وتعزيز صورتها كوسيط عالمي قوي من دون المخاطرة بتحالفاتها التجارية والعسكرية ، وتجنبت الصين ايضا اي دعم عسكري لايران لان ذلك قد يؤدي الى مواجهة مع الولايات المتحدة والغرب وبنفس الوقت تتعاون مع روسيا في الامم المتحدة لعرقلة اي قرار ضد ايران .

المصادر

1-Israel-Iran Conflict, U.S. Strikes, and Ceasefire, Congressional Research Service

Informing the legislative debate since 1914,  Updated June 26, 2025.

2-Israel’s War with Iran Moves out of the Shadows, Unit for Political Studies, Arab Center for Research and Policy Studies, 17 June 2025,p3

3- محمد قواص، حرب اسرائيل- إيران: كيف تقارب روسيا موقفها، ورقة تقدير موقف منشورة على الموقع الر سمي لمركز تقدم للسياسات بتاريخ 17حزيران 2025، متاح على الرابط ،https://www.arabprogress.org

4- سعد خلف، بعد وصف الكرملين لها بالتصعيد الجامح.. هل تتدخل روسيا في الحرب الاسرائيلية – الايرانية؟، مقالة منشورة على الموقع الرسمي لمركز الدراسات العربية الاوراسية بتاريخ 18حزيران 2025، متاحة على الرابط ، https://eurasiaar.org

5- وحدة الدراسات الصينية، الموقف الصيني من الصراع الاسرائيلي الايراني، مقالة منشورة على الموقع الرسمي لمركز الدراسات العربية الاوراسية بتاريخ 16 حزيران 2025، متاح على الرابط، https://eurasiaar.org

 

Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?

Reload Reload document
| Open Open in new tab

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى