الاصدراتسلايدر

مشروع قانون الحماية من العنف الأسري في العراق لسنة 2020

(قراءة تحليلية في المخاطر والتأثيرات المستقبلية)

الدكتور مصدق عادل

كلية القانون – جامعة بغداد

مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية

مقدمة المركز:

ليس بالإمكان إنكار سلبية العنف، مثلما ليس بالإمكان إنكار آثاره السلبية وانعكاساتها على المجتمعات. من هنا تصدت المجتمعات المتحضرة لمواجهة العنف بوسائل وأدوات مختلفة أولها الإقناع، ومن ثم الردع عبر القانون ووفق ما يناسب المنظومة القيمية لتلك المجتمعات. فالعنف لا يواجه بالعنف، كما أنّ فرض التصورات الغريبة عن قيم المجتمعات بالقوة، قد يختزن العنف المضاد، لكنه لا يعالجه ولا يقتلعه.

وفي مجتمع مثل المجتمع العراقي، فإنّ مما يؤسف له هو أنّ ظاهرة العنف الممنهج كانت قد بلغت أوجها عندما لجأت إليها الحكومة كأداة رئيسة، ولربما وحيدة، في فرض هيمنتها على الدولة، فكان ذلك العنف الذي شهدته الدولة العراقية، ووقع تحت تأثيره المجتمع العراقي طيلة مرحلة تسلط نظام (البعث).

وبعد زوال نظام (البعث) بطريقة عنفية، وفي وقت اتجه فيه المجتمع العراقي نحو إزالة آثار عنف السلطة بوسائل منها كتابة دستور جديد ضامن للحقوق والحريات، وإصدار التشريعات التي تضمن ذلك، فإذا بموجة عنف خارجية تضرب البلاد من الداخل تحمل خصائص الإرهاب.

وهكذا نجد أنّ المجتمع العراقي ظل يعاني من موجات عنف واسعة النطاق امتدت لعقود، الأمر الذي يعني ضرورة استنفار كافة طاقات الدولة لمواجهتها، وعبر أجهزة النظام السياسي فيها.

ومن بين ظواهر العنف، هي ظاهرة العنف الأسري التي تأثرت بمسار العنف الذي تعرض له المجتمع العراقي ككل. وهي رغم محدوديتها قياساً بما تعرض له العراق من موجات عنف إرهابية، إلا أنّ ذلك لا ينفي ضرورة إيجاد الحلول الناجعة لها، للحد منها، والقضاء عليها تماما.

فالأسرة هي نواة المجتمع، والمجتمع السياسي هو الدولة، وأنّ أية محاولة لهدم الأسرة تحمل في طياتها سعياً لهدم الدولة مستقبلاً. سيما في مجتمع محافظ كالمجتمع العراقي المعتز بهويته وانتماءه.

ويبدو أنَّ انشغالات الحكومات المتعاقبة بإعادة ترتيب البيت العراقي بعد زوال الدكتاتورية، والتصدي لموجات الإرهاب الوافدة، وانتشار ظاهرة الفساد الموروثة وانتقال عدواها للنظام السياسي الجديد، كانت من العوامل التي أسهمت في أنْ لا يكون الفرد والأسرة على رأس اهتمامات الطبقة السياسية الماسكة بزمام السلطات في الدولة.

وفي خضم سلسلة من الأزمات ضربت الدولة العراقية في العام ٢٠١٩م، ونتيجة لتراكمات وأسباب داخلية وخارجية، أسفرت في المحصلة عن تشكيل حكومة جديدة في آيار ٢٠٢٠، فكان أول مشروع قانون قدمته هو مشروع (قانون الحماية من العنف الأسري). ومع أنَّ هذا المشروع موروث من الحكومة السابقة، كما أنه ليس المشروع الوحيد المقدم في هذه المجال، إلا أنّ توقيته ومضامينه ودلالاته تشير إلى أنه لن يؤدي إلى حل المشكلة، بل لربما يتسبب في مشكلات اجتماعية أخرى.

وبعيداً عن لغة الانفعالات العاطفية، سواء في الرفض أو القبول، وحرصاً من (مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية) على الاهتمام العلمي بالقضايا التي تمس الدولة، تأتي هذه الدراسة الموجزة والمركزة بلغة قانونية علمية صاغها الدكتور (مصدق عادل) التدريسي في كلية القانون-جامعة بغداد، وعضو مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية.

إنَّ (مركز حمورابي)، إذ يضع بين يدي القارئ الكريم هذه الدراسة، فإنه يعلن عن إسهامه في السعي إلى كل ما من شأنه أنْ يسهم في إعادة بناء الدولة العراقية وفق الأسس والثوابت التي يرتكز عليها المجتمع والتي تميز بها. وهو يعلن عن فتح أبوابه للدراسات العلمية الجادة التي تسهم في ترصين عملية بناء الدولة، وترحيبه بالتعاون مع المؤسسات التي تشاركه السير في هذه الاتجاه.

ومن الله التوفيق

الدكتور

أنور سعيد الحيدري

مدير مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *