ابحاث ودراسات

ايران في الشرق الاوسط، منقذ أو مستعمر؟؟

(الجزء الثاني)

في الجزء الاول طرحنا اسئلة حول قضية مركزية تعني عموم المسلمين وتشكل معيارا مفصليا عالميا حولها ينقسم العالم بشكل عمودي ويتموضع في معسكرين متقابلين, فالجواب على هذه الأسئلة ليس الا بحثا في واقع على صفحاته باتت تعوم كل الأجوبة.

ماذا حصدت سياسات التطبيع والسلام مع عدو السلام الكيان الاسرائيلي وماذا انتجت خيانة العرب وبيعهم لفلسطين؟؟ وماذا جر سماحهم لقيام الكيان الاسرائيلي واستقراره الى المنطقة ككل ؟؟ وكم طفل وشيخ وشاب هدرت دماؤهم منذ ذاك التاريخ الملعون؟؟

وماذا حصد تيار المقاومة من لبنان الى فلسطين, وماذا حقق هذا النهج الذي يقابل فيه الاعتداء الاسرائيلي بمثله والذي يمتلك اليوم تجربة ذات نتائج واقعية تحكي عن نفسها؟؟

فالجواب على رزمة الاسئلة الأولى, ليس الا صدى لمسار التفاوض المخزي بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني الذي وصل اليوم الى واقع مسدود أنتج انسدادا في افق التفاوض وسط غياب لاي استعداد اسرائيلي لتقديم تنازلات حتى على مستوى ايقاف مؤقت للاستيطان او ايقاف الحفريات تحت المسجد الاقصى, فضلا عن وصول التطبيع الى مرحلة انفتاح الاسواق العربية على الاسواق الاسرائيلية ووصل الى حد تنسيق استخباراتي علني على مستوى وفود متبادلة بين بعض الدول العربية والكيان الصهيوني, وسط استمرار المأساة الفلسطينية في ظل واقع مترد جدا للشعب الذي يعيش في مخيمات حياة مأساوية.

كل هذا مقابل انتصارات عظيمة للمقاومة في ساحات المواجهة اخرحت الكيان الاسرائيلي مدحورا من لبنان عام 2000 واعادت كي ذراعه في عام 2006 وحطمت اسطورة جيشه في غزة مرارا وقصفت عاصمة الكيان الصهيوني تل أبيب, واوصلت المواجهة الى عمق الكيان الى اراضي ال 1948 والضفة الغربية وأضحى واقع الكيان مازوما يعاني من نتائج كارثية على مستوى الفاعلية والردع مع حركات المقاومة التي تنجح في احكام الخناق على الكيان في جبهات جديدة تصل فيها الى الاستحكام بعنقه أكثر فأكثر..

فلولا الدور الايراني للمقاومات التي تقارع المشروع الاسراامريكي, لكانت فلسطين جنة اليهود الأبدية, ولكانت المنطقة كلها سوقا لتصريف البضاعة الاسرائيلية وكان شعبها خدما ليهود الكيان المؤقت.

وفي التاريخ الحديث, لولا الدعم الايراني للعراق ولبنان وفلسطين وسوريا, ولولا التواجد المباشر والعون والدعم المفتوح بشتى الوسائل والامكانات لحكومات هذه الدول, لكانت هذه المنطقة أمارات داعشية بامتياز, ولكانت روائح الجثث المعلقة على الطرقات تصل الى سواحل اوروبا, ولكانت الغيوم السوداء لا تفارق سماء الشرق الاوسط, ولكانت اوروبا غارقة في عمليات الارهاب التي بنى حكمه واستقر وأضحت عيناه على ما بعد الامارة العربية على اوروبا..

ولكان العالم قلقا اكثر مما هو عليه الان, ولكان السلم العالمي ليس كحاله اليوم مهدد بل في فم الخطر, ولكانت امارة داعش بعاصمتها مكة المكرمة وحدودها التي تصل الى شرق افريقيا ووسطها واطراف روسيا ولكانت سواحل فرنسا وايطاليا ساحات اقتتال دموي وجبهات مفتوحة, ولكان الموت ينسل الى اوروبا من كل حدب وصوب ولكان لداعش جيشا في اوروبا يتخطى مئات الالاف.

باختصار, لولا الدعم الايراني والدور الايراني لكانت المنطقة مقسمة بين الكيان الاسرائيلي وداعش الذين يحملان نفس السنخية ونفس الماهية ويشكلان وجهين لفكر وأصل واحد.

ايران الدولة الاولى الاصيلة التي تقارع الارهاب وتحاربه فعلا وقولا, على عكس النفاق الامريكي الذي يظهر يوما بعد يوم مستوى تورطه مع داعش وادعائه الظاهري محاربته وينفضح سلوكه الذي يعتدي على الجيش العراقي والحشد الشعبي في تكريت والموصل تحت عنوان الاشتباه والخطأ المتكرر !!

الدور الايراني الذي يحافظ على تنوع الديانات والغنى الثقافي في الشرق الاوسط, والذي يتصدى لداعش وفكرها الخطير المشوه ويقارع المشروع الامريكي الشرق الاوسط الجديد.

فليست ايران من اطلقت مشروع الشرق الاوسط الجديد, وليست ايران من تهدد بالحرب ان تم التفاهم حول الملف النووي, وليست ايران من تدعم تنظيم داعش وتلقي له السلاح, وليست ايران من تبيع القضية الفلسطينية وتساوم عليها وعلى دم الشعب الفلسطيني مقابل المنصب, وليست من تحاصر غزة وتتآمر على أهلها, وليست من يسرق نفط ليبيا والعراق وافغانستان, وليست من يغتال ويقتل ويتجسس بطائراته واستخباراته.

ايران هي التي تحمي الشرق الاوسط من الانهيار بين فك الكيان الاسرائيلي وداعش الحليف لها, وتقارع كل محاولات تدمير المنطقة وتقف سدا في وجه الاقتتال الطائفي الذي يراد له ان يكون شعلة لاحراق ما تبقى من قوة تقف في وجه ارهاب الكيان الاسرائيلي.

وما العقوبات الاقتصادية والضغوط الحاقدة التي تتعرض لها ايران الا مصداقا على دورها الفعال الذي يحول دون نجاح المشروع الفتنوي الامريكي ويقطع رأس أفعاه داعش والكيان الاسرائيلي في المنطقة, وما هذه الهجمة القاسية التي تتعرض لها ايران الا ثمنا لمواقفها التي تتفرد فيها وسط عالم باع كل مبادئه وخان شعبه لقاء كرسي الحكم الملكي التوارثي !!پ

هي ايران شعلة الجهاد, تقارع بشرف النزال والخصام سياسات اسراامريكية غربية, تهدف الى استنقاذ الكيان الصهيوني من الانهيار تحت وطأة ضربات المقاومات التي ترعاها وتسلحها وتمولها وتحتضنها ايران, تترأس اليوم الجبهة الاصيلة لمكافحة الارهاب الاسراامريكي, كلامها في الميدان وفعلها في الميدان, تاتيهم برا وبحرا وجوا, تضع نهاية لحلم داعش الطفل الاسراامريكي المستنسخ, وتحمي الشرق الاوسط من الانهيار, لان تلعب هذا الدور يخوض المحور الاسراامريكي حربه الضروس عليها وتقبع منذ انتصار ثورتها المباركة الجذرية تحت العقوبات والضغوط وتحارب من الغرب من كل حدب وصوب.

فها هي اليوم ايران الاسلام الاصيل الذي يشكل روح واصل تشريعاتها وقوانينها, تخوض حربا لانتزاع حقوقها المشروعة في الحصول على الطاقة النووية السلمية وتتبنى بشرف وأصالة سياسة الدفاع عن المظلومين, وتقف الى جانب القضايا العادلة والمحقة وتمد يد العون لكل من تهدر حقوقه من الشعوب المستضعفة, وتشكل درعا وحاميا ومنقذا لكل شريف مظلوم يقع في دائرة الاستهداف من الذئاب الاسراامريكيين الذين ينهشون مقدرات الشعوب وينتهكون حقوقهم ويطمعون بممتلكاتهم.

نقلاً عن موقع الوقت

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *